الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الاقتداء بأفعال النبي صلعم

          ░4▒ (باب: الاقْتِدَاء بأَفْعَالِ النَّبيِّ صلعم)
          تقدَّمت الإشارة قبل باب إلى هذه التَّرجمة في كلام الحافظ، وظاهر كلامه في التَّرجمة المتقدِّمة أنَّها بمنزلة الكتاب للأبواب الآتية.
          وعندي: يحتمل أن يكون الباب الأوَّل لبيان سنن الهدى مِنَ الأقوال والأفعال وغيرهما، والمراد بهذا الباب سنن الزَّوائد مِنَ الأفعال العاديَّة كما يدلُّ عليه رواية الباب.
          لكنَّ الأوجَهَ عندَ هذا العبدِ الضَّعيفِ: أنَّ الغرض مِنَ التَّرجمتين مختلف جدًّا، فالغرض مِنَ التَّرجمةِ الأولى التَّأكيد والتَّحريض على اتِّباع النَّبيِّ صلعم عملًا بقوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} [آل عمران:31] ولقوله عزَّ اسمه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر:7]، وردًّا على الفرقة القرآنيَّة القائلين بأنَّا لا نأخذ إلَّا بما في القرآن، وقد وردت في ذمِّهم الرِّوايات الكثيرة، وذكر(1) عدَّة منها صاحب «المشكاة» في كتاب الاعتصام والغرض مِنْ هذا الباب الثَّاني الإشارة إلى اختلافهم في حكم أفعاله صلعم، والمسألة مبسوطة في أصول الفقه.
          قالَ العينيُّ: قال قوم: يجب اتِّباعه في فعله كما يجب في قوله حَتَّى يقوم دليل على النَّدب أو الخصوصيَّة به، قالَ ابنُ شريح وأبو سعيد الاصطخري(2) وقال آخرون: يحتمل الوجوب والنَّدب والإباحة، ويحتاج إلى القرينة، وبه قال أبو بكر بن أبي الطَّيِّب، وقال آخرون: للنَّدب إذا ظهر وجه القُربة، وقيل: لو لم يظهر، وقال آخرون: ما فعله إن كان بيانًا لمجملٍ حكمُه حكمُ ذلك المجمل وجوبًا أو ندبًا أو إباحة، وقالَ الشَّافعيُّ: إنه يدلُّ على النَّدب، وقالَ مالكٌ: يدلُّ على الإباحة، [انتهى].
          وهكذا في «الفتح» بدون النِّسبة إلى قائليها، وعزا القول الثَّالث إلى الجمهور... إلى آخر ما في «هامش اللَّامع» فارجع إليه لو شئت.


[1] في (المطبوع): ((ذكر)) بلا واو.
[2] في (المطبوع): ((الأصطخري)).