الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب قول الله تعالى: {أو يلبسكم شيعا}

          ░11▒ (باب: قول الله تعالى: {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا} [الأنعام:65])
          ويَرِدُ على ظاهر التَّرجمة أنَّ مَحَلَّها كتاب الفتن.
          والأوجَهُ عندي: أنَّ هذه التَّرجمة بمنزلة التَّكملة للباب السَّابق، فإنَّ ظاهر قوله: (لا تزال طَائِفَة مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِين عَلَى الحقِّ) أي: أن يكونوا متَّفقين فيما بينهم، [كما يدلُّ عليه ظاهر سياق التَّرجمة الأولى، فنبَّه الإمام البخاريُّ بعقد هذا الباب على أنَّهم مع ظهورهم على الحقِّ وغلبتهم عليه لا يكونون متَّفقين فيما بينهم،] فهو إشارة إلى اختلاف أهل الحقِّ فيما بينهم، لأنَّه تعالى لم يستجب دعوته صلعم في عدم اختلاف الأمَّة ورفع تنازُعهم.
          وقالَ الحافظُ: وجه مناسبته لِما قبله أنَّ ظهور بعض الأمَّة على عدوِّهم دون بعض يقتضي أنَّ بينهم اختلافًا، حَتَّى انفردت طائفة منهم بالوصف، لأنَّ غلبة الطَّائفة المذكورة إن كانت على الكفَّار ثبت المدَّعَى، وإن كانت على طائفة مِنْ هذه الأمَّة أيضًا فهو أظهرُ في ثبوت الاختلاف، فذكر بعده أصل وقوع الاختلاف، وأنَّه صلعم كان يريد ألَّا يقع، فأَعْلَمَه الله تعالى أنَّه قضى بوقوعه، وإن كان(1) ما قدَّرَه لا سبيل إلى رفعه، قالَ ابنُ بطَّالٍ: أجاب الله تعالى دعاء نبيِّه في عدم استئصَال أُمَّته بالعَذَاب، ولم يجبه في ألَّا يَلْبِسَهم شِيعًا، أي: فِرَقًا مختلفين. انتهى مِنْ «هامش اللَّامع» بزيادة مِنَ «الفتح».


[1] في (المطبوع): ((وأن كل)).