الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض

           ░25▒ (باب: الصُّفرة والكُدرة...) إلى آخره(1)
          وفي «تراجم شيخ المشايخ» يعني أنَّهما ليستا مِنَ الحيض، ولا تَمْنَعان الصَّلاة والصَّوم، وبعض الفقهاء عَدُّوهُمَا مِنَ الحَيْض. انتهى.
          وكتب الشَّيخ في «اللَّامع»: قوله: (في غير أيَّام الحيض) قصد بهذه الزِّيادة جمع ما بين الرِّوايات مِنَ التَّعارض، فقد تقدَّم مِنْ قول عائشة أنَّها قالت: (لا تَعْجَلنَّ حتَّى تَرَيْنَ القَصَّة البَيْضَاء) ففيه دلالةٌ على أنَّ الصُّفرة والكُدرة مِنَ الحيض، وهاهنا وقع التَّصريح بخلافه، فأشار إلى الجمع بينهما بأنَّ هذا في غير أيام الحيض، وذلك فيها. انتهى.
          وفي «هامشه»: وبذلك جزم جميع العلماء، ثُمَّ بسطه.
          قلت: والأوجه عندي أنَّ الإمام البخاريَّ أشار بالتَّرجمة إلى حديث أبي داود برواية أمِّ عطيَّة ♦ قالت: ((كنَّا لا نعدُّ الكُدرة والصُّفرة بعد الطُّهر شيئًا))(2) فإنَّ قوله: بعد الطُّهر هو الَّذِي أشار إليه البخاريُّ بلفظ: (في غير أيَّام الحيض)، ولا يشكل على الأئمَّة ما تقدَّم مِنِ اختلافهم في المستحاضة مِنِ اعتبار لون الدَّم، لأنَّها في المستحاضة دون الحيض، فإنَّ ألوان دم الحيض عديدةٌ عند الجميع لا يختصُّ بلونٍ واحدٍ... إلى آخر ما بسطه.
          وذكر صاحب «الفيض»: فهدر البخاريُّ مسألة التَّمييز بالألوان إلَّا أنَّه قيَّدها بغير أيَّام الحيض، ومفهومه اعتبارها في أيَّام الحيض.
          قال الحنفيَّة: معنى الحديث أنَّه لم تكن عندنا مسألة التَّمييز بالألوان فكنَّا نَعُدُّها كلَّها حيضًا.
          وقال الشَّافعيَّة: معناه أنَّا كنَّا نَعُدُّ التَّمييز بالألوان، فَنَعُدُّ الحُمرة والسَّواد حيضًا، ولا نعدُّ الكُدرة والصُّفرة شيئًا، لكونها استحاضةً، والشَّرح الثَّالث للبخاريِّ وحاصله أنَّا كنَّا نلغي الألوان في غير أيَّام الحيض، ومفهومه أنَّا كنَّا نعتبرها في أيَّام الحيض، فَفَصَل بين رؤية الألوان في أيَّام الحيض وبين رؤيتها في الخارج، وهذا التَّفصيل مِنْ جانبه، / وكأنَّ البخاريَّ ذهب إلى التَّمييز بالألوان مِنْ وجهٍ، وهَدَره مِنْ وجهٍ، وبالجملة لكلامه ثلاثة شروحٍ:
          الأوَّل: أنَّا لمن(3) نكن نعتبر الألوان في مدَّة الحيض ونَعْتَدُّ كُلَّها مِنَ الحيض، نعم كنَّا نعتمد بها إذا رأيناها مِنْ غير أيَّام الحيض، وحينئذٍ وافقنا المصنِّف في مسألة التَّمييز(4) بالألوان وهدرها.
          والثَّاني: أنَّا لم نكن نَعُدُّ الألوان شيئًا مِنْ غير أيَّام الحيض، أمَّا إذا كانت في أيَّام الحيض فكنَّا نعتبر بها، وهذا موافقٌ للشَّافعيَّة.
          والثَّالث: عدم عبرتها مطلقًا. انتهى.
          وأنت خبيرٌ بأنَّ ما في «اللَّامع» أوفق مِنْ ظاهر البخاريِّ.


[1] قوله: ((إلى آخره)) ليس في (المطبوع).
[2] الكوكب الدري:1/168
[3] في (المطبوع): ((لم)).
[4] في (المطبوع): ((التميز)).