الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب قول الله ╡ {مخلقة وغير مخلقة}

           ░17▒ (باب: قول الله ╡: {مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} [الحج:5])
          كتب الشَّيخ في «اللَّامع»: قصد بذلك أنَّ المخلَّقة يطلق على معنيين:
          أحدهما: ما تمَّ خلقه وكمل، وغير(1) المخلَّقة بحسب ذلك ما فيه نقصٌ ما، والثَّاني: ما لم يأخذ في الصُّورة ولم يتكوَّن إلَّا قليلٌ منه كَيَدٍ أو رِجْلٍ، وغير مخلَّقةٍ(2) حينئذٍ: ما لم يتخلَّق شيءٌ منه، فإن كان المراد هو الأوَّل مِنْ معنييه فالغرض مِنْ إيراده أنَّ المخلَّقة وغير المخلَّقة مستويان في الأحكام، كانقضاء العدَّة، وحكم النِّفاس، وغير ذلك، وإن كان المراد هو الثَّاني فإيراده لإفادة أنَّ المخلَّقة وغير المخلَّقة ليستا مستويتين(3) في الحكم، بل المخلَّقة منها(4) له حكم الولد في الأحكام المذكورة دون غير المخلَّقة حتَّى لا يكون ما يتعقَّب غير المتخلِّقة بهذا المعنى مِنَ الدَّم نفاسًا بل كان حيضًا. انتهى.
          وفي «هامشه»: واختلفوا في غرض المؤلِّف بهذه التَّرجمة، ولا ريب في أنَّ غرض المصنِّف بها هاهنا خفيٌّ، فاعلم أوَّلًا أنَّ هذه قطعةٌ مِنَ الآية الَّتي في أوَّل سورة الحجِّ وترجمها في «تفسير بيان القرآن» بلفظ [نصٌّ باللُّغة الأرديَّة ترجمته: ثُمَّ مِنْ مضغة مخلَّقةٍ وغير مخلَّقةٍ، أي مصوَّرةٍ وغير تامَّة التَّصوير] (5). انتهى.
          وفي «الجمل»: مخلَّقةٌ: تامَّة الخلق، وغير مخلَّقةٍ: أي: غير تامَّة الخلق، يعني غير مصوَّرةٍ أو غير تامَّة التَّصوير. انتهى.
          ثُمَّ اختلف شرَّاح البخاريِّ في غرض المصنِّف بهذا الباب، وأجاد الشَّيخ في توجيه الغرض حتَّى صحَّ إدخالها في كتاب الحيض، وقال شيخ المشايخ في «التَّراجم»: غرضه تفسير هذا اللَّفظ مِنَ القرآن، وإيراده في كتاب الحيض لأوفى(6) مناسبة. انتهى.
          وبذلك جزم بعض الشُّرَّاح منهم الحافظ، ويشكل عليه أنَّه كان حقُّه إذنْ كتاب التَّفسير، وقال ابن بطَّالٍ: غرضه في إدخاله في الحيض تقوية مذهب مَنْ يقول: إنَّ الحامل لا تحيض وهو قول الكوفيِّين وأحمد، وإليه ذهب الشَّافعيُّ في القديم، وفي الجديد أنَّها تحيض، وعن مالكٍ روايتان. انتهى.
          قلت: والمشهور منها(7) أنَّها تحيض، وعليه مشى الإمام مالكٌ في النِّفاس في «الموطَّأ» كما بسط في «الأوجز». انتهى ملخَّصًا مِنْ «هامش اللَّامع».
          والأوجه عندي أن يكون هذا الباب من أبواب النفاس، أي يكون(8) هو بعد كلمتي(9) المولودتين تامة وغير تامة. /


[1] في (المطبوع): ((وغيره)).
[2] في (المطبوع): ((المخلقة)).
[3] في (المطبوع): ((مسويتين)).
[4] في (المطبوع): ((منهما)).
[5] في (المطبوع): النص الأردي بلا ترجمة.
[6] في (المطبوع): ((لأدنى)).
[7] في (المطبوع): ((منهما)).
[8] في (المطبوع): ((كون)).
[9] في (المطبوع): ((كلتي)).