الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب إقبال المحيض وإدباره

           ░19▒ (باب: إقْبَال المَحِيض وإدبَارِه...) إلى آخره
          كتب الشَّيخ في «اللَّامع»: إنَّ لهما علاماتٍ يُعْرَفان بها، وإنَّ حكم الإقبال غير حكم الإدبار، ففي الأوَّل ترك الصَّلاة والصَّوم وغيرهما، وفي الثَّاني: خلافه إلى غير ذلك، ثُمَّ إنَّ ذلك في أيام الحيض. انتهى.
          وفي «هامشه»: لم يتعرَّض الشُّرَّاح عن غرض المصنِّف بالتَّرجمة، وما يظهر مِنْ كلام الحافظ أنَّ الإمام البخاريَّ أشار بذلك إلى اختلافهم فيما يعرف به إدبار الحيض إذ قال: اتَّفق العلماء على أنَّ إقبال الحيض يعرف بالدَّم في وقت إمكان الحيض، واختلفوا في إدباره، فقيل: يعرف بالجفوف وهو أن يخرج ما يحتشى به جافًّا، وقيل: بالقصَّة البيضاء، وإليه ميل المصنِّف. انتهى.
          والأوجه عندي أنَّ الإمام البخاريَّ أشار بذلك إلى ما هو المصطلح المعروف عند المحدِّثين، أنَّ لفظ الإقبال والإدبار عندهم مِنْ مستدلَّات التَّمييز بالدَّم، ولذا أورد الإمام البخاريُّ فيه ما يتعلَّق بالألوان، والحنفيَّة لمَّا لم يقولوا بالتَّمييز حملوا روايات الإقبال والإدبار على إقبال أيَّام العادة، والإمام البخاريُّ لم يفصح في ذلك بشيءٍ، بل نبَّه بالتَّرجمة على ما هو المصطلح عندهم، فلا ينافي ما قلته في (باب: الاستحاضة)، بل لو قيل: إنَّ المصنِّف مال إلى عدم الاعتبار بالتَّمييز لكان له وجهٌ، لأنَّه أتى في الباب بأثر عائشة: (لا [تعجلن] حتَّى تَرَيِن القَصَّة البيضاء)، فإنَّه صريحٌ في عدم الاعتبار بالتَّمييز.
          قوله: (ترين القَصَّة).
          كتب الشَّيخ في «اللَّامع» أي: أنَّ الطُّهر لا يتحقَّق إلَّا إذا كان البياض الخالص. انتهى.
          وبسط في «هامشه» الكلام في معنى القصة، هل المراد بها القطنة التي أدخلت في الفرج فتخرج بيضاء نقية لا يخالطها صفرة؟ وقيل القصة ماء أبيض يخرج من فرج المرأة عند انقطاع الحيض.