الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب ذبيحة الأعراب ونحوهم

          ░21▒ (باب: ذبيحة الأَعْرَاب ونَحْوِهم)
          وهم ساكن البادية مِنَ العرب الَّذِين لا يقيمون في الأمصار، ولا يدخلون المدن إلَّا لحاجة.
          قوله: (ونحوهم) بالواو في رواية الأكثرين، وفي رواية الكُشْمِيهَنيِّ والنَّسفيِّ: <ونحرهم>_بالرَّاء_ مِنْ نحرِ الإبل.
          ومطابقة الحديث للتَّرجمة تُؤخذ مِنْ قولِه: (إنَّ قَوْمًا يَأْتُونَنا) لأنَّ المراد منهم الأعرابُ الَّذِين يأتون إليهم مِنَ البادية. انتهى مِنْ كلام العينيِّ.
          قلت: وفي رواية النَّسائيِّ كما قالَ القَسْطَلَّانيُّ وغيره: ((إنَّ ناسًا مِنَ الأَعْرَاب)) بدل قوله: (إنَّ قومًا...) إلى آخره، ولم يتعرَّض الشُّرَّاح لِما هو الغرض مِنَ التَّرجمةِ إلَّا ما أشار إليه صاحب «الفيض» إذ قال: (باب: ذبيحة الأعراب) أي: الجهلاء الَّذِين يُتَوَهَّم فيهم تركُ التَّسمية تهاونًا أو لجَهْلِهِم بالمسائل، وأيضًا أفاد في توجيه الحديث: وليس معنى قوله: (سَمُّوا عَلَيْهِ أنتُم وكُلُوه) أنَّ التَّسمية ليست بواجبة، بل معناه: أنِ احملوا أنتم حالهم على أعدل الأحوال وسَمُّوا أنتم قبل الأكل، فإنَّ محلَّ تسميتكم الآن، فلا تغفلوا عنها، وأمَّا محلُّ تسميتهم فكان عند الذَّبح، والظَّاهر مِنْ حالهم أنَّهم قد أَتَوا بما وجب عليهم. انتهى.
          وهكذا أفاد العلَّامةُ السِّنْديُّ في توجيه الحديث بالبسط والإيضاح.
          ولا يبعد عندي في غرض التَّرجمة ما يخطر ببالي أنَّ الإمام البخاريَّ ترجم بذلك إشارة إلى جوازه دفعًا لِما يُتوهَّم مِنْ ظاهر حديث أبي داود عن ابنِ عبَّاسٍ قال: ((نَهَى رسول الله / صلعم عن مُعَاقَرَة الأَعْرَاب)) ومحلُّ هذا الحديث هو ما نقله الشيخ قُدِّس سرُّه في «البذل» في شرح هذا الحديث عن «مجمع بحار الأنوار» إذ قال: وهو ما كان يتبارى الرَّجلان في الجود والسَّخاء، فيعقر هذا إبلًا وهذا إبلًا، حَتَّى يُعْجِز أحدُهُم الآخر رياءً وسمعةً وتفاخرًا لا لوجه الله، كذا في «المجمع»، وكذلك كلُّ طعام صُنِعَ رِيَاءً ومُفَاخَرَة، وكذا ما ذُبِح لقدوم أمير متقرِّبًا إليه لا يجوز أكْلُه. انتهى مِنَ «البذل».