الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الصيد إذا غاب عنه يومين أو ثلاثة

          ░8▒ (باب: الصَّيد إذا غَابَ عنه يَومَينِ أو ثَلاثَة)
          أيْ: عنِ الصَّائِد، قالَ العلَّامةُ العَينيُّ تحت حديث الباب وهذا الحديث مشتمل على أحكامٍ إلى أن قال: الرَّابع: إذا رَمَى الصيدَ وَغَاب عنه ثمَّ وُجِدَ بَعْدَ يوم أو بعد يومين وليس به إلَّا أثر سهمه فإنَّه يُؤكل، واختَلف العلماء فيه فقالَ الأَوزاعيُّ: إذا وَجَدَه مِنَ الغَدِ ميِّتًا ووَجَدَ سَهْمَه أو أثرًا مِنْ كلبه فليَأْكُلْهُ، وهو قول أشهبَ وابن الماجِشون، ورُوي عن مالكٍ، والمعروف عنه خلافُه ففي «الموطَّأ» و«المدوَّنة»: لا بأس بأكل الصَّيد وإن غاب عنك مصرعُه إذا وجدتَ به أثرَ كَلْبِكَ(1) أو كَانَ به سَهْمُك ما لم يبت، / فإذا بات لم يُؤْكَل، وعنه الفرق بين السَّهم فيؤكل وبين الكلب فلا يؤكل، وقال أبو حنيفة: إذا تَوارَى عنه الصَّيدُ والكلبُ في طلبه فوجده مقتولًا والكلب عنده كَرِهْتُ أكلَه، وقالَ الشَّافعيُّ: القياس أنَّه لا يُؤكَلَ إذا غاب عنه لاحتمال أنَّ غيره قتله، وقالَ النَّوويُّ: الحِلُّ أَصَحُّ. انتهى.
          وبسط الكلام على المسألة في «الأوجز» مِنْ كُتب فروع الأئمَّة وفيه: قال الخَرَقيُّ: إذا رماه فغاب عنه، فوجده ميتًا وسهمُه فيه، ولا أثر به غيرَه حَلَّ أكلُه، قالَ الموفَّقُ: هذا هو المشهور عن أحمد، وكذلك لو أَرسل كلبَه على صيد فغاب عنه، ثمَّ وجده ميِّتًا ومعهُ كَلْبُهُ حَلَّ، وعن أحمد: إن غاب نهارًا فلا بأسَ بِهِ، وإن غَابَ ليلًا لم يأكله، وعن مالك: كالرِّوايتين، وعن أحمد: ما يدلُّ إن غاب مدَّة طويلةً لم يُبَحْ، وإن كانَتْ يَسِيرَةً أُبِيحَ، لأنَّه قيل له: إن غاب يومًا؟ قال: يومٌ كثيرٌ، وكَرِهَ عطاءٌ والثَّوريُّ أَكْلَ ما غَابَ، وعن أحمد مثلُ ذلك، وقال أبو حنيفة: يُبَاح إن لم يكن تَرك طلبَه، وإن تشاغل عنه ثمَّ وَجَده لم يُبَح. انتهى.
          وقالَ النَّوويُّ في «شرح مسلم» تحت حديث الباب: هذا دليل لمن يقول: إذا أثَّر جُرْحُه فغَابَ عنه فوجده ميِّتًا ليس فيه أثرٌ غيرُ سهمه حلَّ، وهو أحد قولَي الشَّافعيِّ ومالك، والثَّاني: يَحْرُم، وهو الأصحُّ عند أصحابنا، والثَّالث: يحرم في الكلب دون السَّهم، والأوَّل أقوى وأقرب إلى الأحاديث الصَّحيحة. انتهى.
          قلت: والمدار عندنا على أمرين: أحدهما: ألَّا يقعُدَ عن طلبه. والثَّاني: ألَّا يجد به جراحَةً سوى جِرَاحَةِ سَهْمِه، فإن فُقد أحد الشَّرطين لم يحلَّ، كما في «الهداية» وغيره.


[1] في (المطبوع): ((أثراً من كلبك)).