الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب ما جاء في التصيد

          ░10▒ (باب: مَا جَاءَ فِي التَّصَيُّد)
          وفي «شرح شيخ الإسلام»: أي: ما جاء في التَّكلُّف بالصَّيد والاشتغال به للتَّكسُّب. انتهى.
          قال ابن المنيِّر: مقصوده بهذه التَّرجمة التَّنبيهُ على أنَّ الاشتغال بالصَّيد لمن هو عيشُه به مشروع، ولمن عرض له ذلك وعيشُه بغيره مباح، وأمَّا التَّصيُّد لمجرَّد اللَّهو فهو محلُّ الخلاف.
          قالَ الحافظُ: وقد تقدَّم البحث في ذلك في الباب الأوَّل. انتهى.
          وقال في الباب الأوَّل الَّذِي أحال عليه هاهنا: وفيه:_أي حديثِ عديٍّ_ إباحةُ الاصطياد للانتفاع بالصَّيد للأكل والبيع، وكذا اللَّهو(1) بشرط قصد التَّزكية والانتفاع، وكرهه مالك، وخالفه الجمهور، قال اللَّيث: لا أعلم حقًّا أشبه بباطل منه، فلو لم يقصد الانتفاع به حَرُم، لأنَّه مِنَ الفساد في الأرض بإتلاف نفسٍ عبثًا... إلى آخر ما ذكر.
          وفي القَسْطَلَّانيِّ تحت ترجمة الباب أي: التَّكلُّف بالصَّيد والاشتغال به للتَّكسُّب أكلًا وبيعًا ممَّا يدلُّ لمشروعيَّته أو إباحته. انتهى.
          قلت: وهو كذلك، وإنَّما أثبت مشروعيَّته دفعًا لِما يُتوهَّم مِنْ حديث «السُّنن» عن ابنِ عبَّاسٍ مرفوعًا: ((مَنْ سكن البادية جَفَا، ومَنِ اتَّبع الصَّيد غَفِلَ)) أخرجه الإمام أبو داود في «سننه» في باب: اتِّباع الصَّيد، وكذا أخرجَه التِّرمِذيُّ أيضًا، ومحمل هذا الحديث فيما إذا توغَّل في اتَّباع الصَّيد وانهمك به، فقد كتب شيخنا في «البذل»: أنَّه(2) إذا استولى عليه رغبةُ اتِّباع الصَّيد وحبُّه يغفل عن الصَّلاة وغيرها مِنَ الواجبات، أو يُحْمَل على ما إذا لم يقصد به الانتفاع بالصَّيد بل قصد اللَّهو فقط، والله تعالى أعلم.
          وقالَ الحافظُ تحت حديث أنس: ((أنفَجْنَا أرنبًا ونحن بمرِّ الظَّهران...)) الحديث كما سيأتي، وفي الحديث أيضًا جواز استثارة الصَّيد والغدوِّ في طلبه، وأمَّا ما أخرجه أبو داود / والنَّسائيُّ مِنْ حديث: ((مَنِ اتَّبَعَ الصَّيد غَفِلَ)) فهو مَحْمُولٌ على مَنْ وَاظَب على ذلك حَتَّى يشغله عن غيره مِنَ المصالح الدِّينيَّة وغيرها.


[1] في (المطبوع): ((للَّهو)).
[2] في (المطبوع): ((لأنه)).