التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: إنه قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم محدثون

          3469- قوله: (عَنْ أَبِي(1) سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبدُ الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوفٍ، وأنَّه أحدُ الفقهاءِ السبعة على قول الأكثر.
          قوله: (مِنَ الأُمَمِ مُحَدَّثُونَ): كذا هنا، وفي (مناقب عُمر بن الخَطَّاب ☺): (من بني إسرائيل) [خ¦3689]، وإيراد البُخاريِّ لهذا الحديث هنا كان ينبغي العكس؛ بذكر الطريق التي فيها: (من بني إسرائيل) هنا، وبذكر هذه في (مناقب عُمر)، ولكن عُرِف من عادته _رحمة الله عليه(2)_ أنَّه يترك الاستدلال بالجليِّ، ويذكر الخفيَّ.
          قوله: (مُحَدَّثُونَ): هو بفتح الدال المُهْمَلَة المُشَدَّدة، قال القابسيُّ وغيرُه: تكلِّمهم الملائكة، كما قد جاء: (يُكَلَّمُونَ) [خ¦3689]، قال البُخاريُّ: معنى (محدَّثون): يجري على ألسنتهم الصواب، وفي «مسلمٍ» عن ابن وَهْبٍ: (مُلْهَمُون)؛ وهي الإصابة من غير نبوَّةٍ، قال ابنُ قُتَيْبَة: (يصيبون إذا ظنُّوا وحَدَسوا(3) كأنَّه يُحدِّث بالشيء)، وفي «التِّرْمِذيِّ» عن بعض أصحاب [سفيان: قال سفيانُ بنُ عُيَينةَ: (محدثون؛ يعني]: مفهَّمون)، وقال شيخُنا عن ابن التِّين: (متفرِّسون، ويستدلُّون على بعض هدي الرجل)، وذكر شيخُنا في (مناقب عُمر) عن أبي الحسن: تكلِّمهم الملائكة.
          سؤال: وهو أنْ يقال: إنَّه علَّق «إن يكن في أمَّتي أحدٌ؛ فعُمَر» مع جزمه فيما تَقَدَّمَ قبلنا؟
          وجوابه: أنَّ مَن قبلنا كانوا محتاجين إلى المحدَّث؛ كما كانوا محتاجين إلى نبيٍّ بعد نبيٍّ، وأمَّا هذه الأمَّة؛ فأغناهم الله تعالى برسولهم وكتابهم عن كلِّ ما سواهما، حتَّى إنَّ المحدَّث منهم كعُمَرَ(4) إنَّمَا يُوجَد(5) منه ما يوافق الكتابَ والسُّنَّةَ، وإذا حدَّث شيئًا في قلبه؛ لَمْ يكن له أن يقبله حتَّى يَعرضه على الكتاب والسُّنَّة، وكذلك لا يقبله إلَّا أن يوافقَهما، والله أعلم.


[1] (أبي): سقط من (ب).
[2] في (أ): (عنه)، وليست في (ب)، ولعلَّ المثبت هو الصواب.
[3] في (ب): (وحدثوا).
[4] زيد في (ب): (☺).
[5] في (ب): (يؤخذ).