التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب: {واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها}

          قوله: ({فَأَجَاءهَا}[مريم:23]: أَفْعَلْتُ): هو بفتح الهمزة، وإسكان الفاء، ثُمَّ عين مفتوحة، ثُمَّ لام ساكنة، ثُمَّ تاء مضمومة؛ تاء المتكلِّم، كذا في أصلنا، وعزا شيخنا هذا الضبط إلى خطِّ الدِّمْيَاطيِّ، ثُمَّ قال: (وقال ابن التين: ضُبِط بضَمِّ الهمزة، وكسر العين، كأنَّه حكى أنَّها جِيء بها، وبفتح الهمزة والعين، وسكون التاء، وهو غير بيِّنٍ؛ لأنَّها لَمْ تَفْعَل، وإنَّما فُعِلَ بها، ومثال «أجاءها» على التحقيق: «أَفْعَلَها»)، انتهى، وفي نسخة صحيحة: (أَفْعَل)؛ بغير تاء، وذَكَرَ التي بالتاء أيضًا.
          قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: النِّسْيُ: الْحَقِيرُ): هذا أشار إليه الفرَّاء، وروى معناه الطَّبَريُّ عن الربيع بن أنس، قاله بعض حُفَّاظ العَصْرِ.
          قوله: (وَقَالَ أَبُو وَائِلٍ): تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّه شقيقُ بنُ سَلَمة.
          قوله: (ذُو نُهْيَةٍ): هو بالنون المضمومة، ثُمَّ هاء ساكنة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، قال ابن قرقول(1) _ومن قبله القاضي عياض واللَّفظ لابن قرقول_: (الرواية بالضَّمِّ، وقد يُقال بفتحها، وهو العقل؛ لأنَّه ينهى صاحبَه عن القبائح، ويُقال فيه: ذو نَهاية، حكاه ثابتٌ، وقد تكون «النُّهْيَة» من النَّهي؛ يعني: الفَعلَة الواحدة، والنَّهية _بالفتح_: واحد «النَّهي»؛ مثل: تَمْرَةٍ وتَمْرٍ؛ أي: أنَّ له مِن نفسه في كلِّ حالٍ زاجرًا ينهاه؛ كما يُقال: التَّقِيُّ مُلجَمٌ، يُقال: نَهَيْتُه ونَهَوْتُه، والنِّهَاية: الغاية حيث ينتهي الشيء، كأنَّه امتنع عندها من الزيادة)، انتهى. /
          قوله: (وَقَالَ وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ: {سَرِيًّا}[مريم:24]: نَهَرٌ صَغِيرٌ بِالسُّرْيَانِيَّةِ) انتهى: كذا في أصلنا، وكذا في أصلٍ لنا آخرَ دمشقيٍّ، وقال المِزِّيُّ في «أطرافه» في (إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعيِّ عن جدِّه أبي إسحاق عن البَراء): (البُخاريُّ في «التفسير» عن يحيى عن وكيع عنه) _أي: عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البَراء_ وتجاه ذلك بخطِّ بعض الفضلاء المحدِّثين والفقهاء ما لفظه: (حديث السَّرِيِّ: قال أبو القاسم: لَمْ أجد هذا الحديثَ، ولا ذكره أبو مسعودٍ)، انتهى، ولم أرَه في أصلَينا في (التفسير)، إنَّما رأيتُه هنا في (الأنبياء).
          و(يحيى) هذا إن كان ثابتًا على ما قاله المِزِّيُّ؛ فقد ذكر الجَيَّانيُّ ما ملخَّصه: (وقال _يعني: البُخاري_ في «الصلاة» [خ¦1204]، و«السَّلَم» [خ¦2242]، و«الجهاد» [خ¦3038]، وفي «حديث الإفك» [خ¦4144]، و«تفسير الأعراف» [خ¦4643]، و«مريم» [خ¦4735]، و«الدُّخَان» في موضعين [خ¦4822] [خ¦4825]، و«النجم» [خ¦4855]، و {اقْتَرَبَتِ} [خ¦4874]، و«المدَّثِّر» [خ¦4922]، و«الليل» [خ¦4947]، وفي «النكاح» في موضعين [خ¦5128] [خ¦5150]، وفي «الذَّبائح» [خ¦5517]، و«الأدب» [خ¦6052]، وفي «استتابة المرتدِّين» [خ¦6937]، وفي «خبر الواحد» [خ¦7252]، وفي «التوحيد» [خ¦7456]: «حَدَّثَنَا يحيى: حَدَّثَنَا وكيع»، فنسب(2) «يحيى» ابنُ السَّكَن في أكثر هذه المواضعِ: يحيى بنَ موسى الحُدَّانيَّ، وأهمل بعضها، وفي «البُخاريِّ» في «كتاب الخوف»: «حَدَّثَنَا يحيى: حَدَّثَنَا وكيع: حَدَّثَنَا عليُّ بن المبارك...»، فذكر حديثًا عن جابرٍ: «جاء عُمر يوم الخندق...»؛ الحديث [خ¦945]، نسبه ابنُ السَّكَن أيضًا: يحيى بنَ موسى، ونسبه أبو ذرٍّ عن المستملي: يحيى بنَ جعفر، وقد قال البُخاريُّ في «باب عدَّةِ أصحاب بدرٍ»: «حَدَّثَنَا يحيى بن جعفر: حَدَّثَنَا وكيع...»، فذكر حديثَ أبي ذرٍّ: «لَنَزَل هؤلاء الآياتُ في هؤلاء الرهط» [خ¦3968]، هكذا لجميع الرواة، وذكر أبو نصرٍ أنَّ يحيى بنَ موسى الحُدَّانيَّ ويحيى بنَ جعفرٍ يرويان جميعًا عن وكيعٍ في «الجامع»)، انتهى، والله أعلم، وهذا يأتي فيه ما ذكرتُه هنا فيما يظهر، والله أعلم.


[1] زيد في (ب): (قوله).
[2] في (ب): (فلنسب)، وهو تحريفٌ.