التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب قول الله تعالى: {ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله}

          قوله: ({وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ}[لقمان:12]): مقتضى إيرادِ البُخاريِّ له هنا: أنَّه عنده نبيٌّ، وسأذكر الخلافَ فيه قريبًا، وقد قدَّمتُه [خ¦3360]، قال الثعلبيُّ: (كان لقمان مملوكًا، وكان أهونَ مملوكِي سيِّده عليه)، قال: (وأوَّل ما ظهر من حكمته أنَّه كان مع مولاه، فدخل مولاه الخلاء، فأطال الجلوس، فناداه لقمان: إنَّ طولَ الجلوس على الحاجة يتَّجع منه الكبد، ويورث الباسور، ويُصعِد الحرارة إلى الرأس، فاجلس هوينًا وقُم، فخرج مولاه وكتب حكمته على باب الخلاء، ورُويَ: أنَّه كان عبدًا حبشيًّا نجَّارًا)، قال: (وقال أبو هريرة: مرَّ رجلٌ بلقمان والناسُ مجتمعون عليه، فقال: ألستَ العبدَ الأسود الذي كُنتَ تُراعينا بموضع كذا؟ قال: بلى، قال: فما بلغ بك ما أَرى؟ قال: صِدقُ الحديث، وأداءُ الأمانة، وتركُ ما لا يعنيني)، قال: (وعن لقمان أنَّه قال: ضربُ الوالد ولدَه كالسماد للزرع، وقال لقمان لابنه: مَن يقارن قرين السوء؛ لا يَسْلَم، ومَن لا يملك لسانَه؛ يندم، يا بنيَّ؛ كن عبدًا للأخيار، يا بنيَّ؛ كن أمينًا؛ تكن غنيًّا، يا بنيَّ؛ جالسِ العلماء وزاحِمْهم بركبتيك، ولا تجادلهم، خذ منهم إذا أنالوك، والطف بهم في السؤال، ولا تُضجِرهم، إن تأدَّبت صغيرًا؛ انتفعت به كبيرًا(1)، كن لأصحابك موافقًا في غير معصية، ولا تَحْقِرنَّ من الأمور صغارها، فإن الصِّغارَ غدًا تصير كِبارًا، إيَّاك وسوءَ الخُلُق والضجرَ وقلَّةَ الصبر، إن أردت غنى الدنيا؛ فاقطع طمعك عمَّا في أيدي الناس)، وحِكَمُه كثيرةٌ مشهورةٌ.
          واختُلِف في نبوَّته؛ فالجمهور: على أنَّه ليس بنبيٍّ، وذهب عكرمةُ من بين العلماء إلى أنَّه نبيٌّ، كذا قال النَّوويُّ، انتهى، ورأيتُه عن ابن المُسَيِّـَب أيضًا، وسأذكر(2) بعضَ هذا في (التفسير) في سورته، وأذكر هناك أنَّ لهم لقمانَ آخرَ إن شاء الله تعالى [خ¦4776].
          وابنه اسمه: أنعم، ويقال: مَشْكُور، وفي كلام شيخِنا: باذان، وفي كلام غيره: ماثان، وقال السُّهَيليُّ في «روضه»: (ثاران، فيما ذكر الزَّجَّاج، وقيل في اسمه غير ذلك)، انتهى. /


[1] في (ب): (كثيرًا).
[2] في (ب): (وذكر).