التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب: إذا اجتهد العامل أو الحاكم فأخطأ

          ░20▒ باب إذَا اجْتَهَدَ العَاِلمُ أَوِ الحَاكِمُ فَأَخْطَأَ خِلَافَ الرَّسُولِ مِنْ غير عِلْمٍ، فَحُكْمُهُ مَرْدُودٌ
          لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلعم: (مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا، فَهْوَ رَدٌّ).
          7350- 7351- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَخِيهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ بِلالٍ، عَنْ عَبْدِ المَجِيدِ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيْدَ بْنِ المُسَيِّبِ يُحَدِّثُ، أَنَّ أَبَا سَعِيْدٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ ☻ حدَّثَاهُ (أَنَّ رَسُوْل اللهِ صلعم بَعَثَ أَخَا بَنِي عَدِيٍّ الأنصَارِيِّ واسْتَعْمَلَهُ عَلَى خَيْبَرَ، فَقدم بِتَمْرٍ...) الحَدِيْث.
          الشَّرْح: قَالَ الجيَّانيُّ: كذا رواه إبراهيمُ بن مَعْقِلٍ النَّسَفِيُّ عن البُخَارِيِّ، وسقطَ مِن كتاب الفَرْبَرِيِّ مِن هَذَا الإسنادِ <سليمانُ بن بلالٍ>، وذكر أبُو زيدٍ / الْمَرْوَزِيُّ أنَّه لم يكن فِي أصل الفَرْبَرِيِّ، وكذلك لم يكن فِي كتاب ابن السَّكَن ولا عند أبي أحمدَ، وكذلك قَالَ: أبُو ذرٍّ عن مشايخه، ولا يتَّصِل السَّند إلَّا به، والصَّواب رواية النَّسَفِيِّ.
          وأخو إسماعيلَ: هو أبُو بكرٍ عبد الحميد بن أبي أُوَيسٍ الأَعْشَى الأَصْبَحِيُّ حليف بني تَيْمٍ، و(عَبدِ المَجِيدِ): كُنيته أبو محمَّدٍ أَوْ أبُو وَهْبٍ. و(سُهَيلِ): هَذَا تزوج الثُّريَّا بنت عَبْدُ اللهِ بن الحارثِ بن أميَّة الأصغر بن عبد شَمْسٍ، وهي مولاة الغَرِيض، فقال فيهما عُمَر بن عَبْدُ اللهِ بن أبي رَبِيعةَ بن المغيرة المَخْزُوميُّ الشَّاعر:
أيُّهَا المُنْكِحُ الثُّريَّا سُهَيلًا                     عَمَركَ اللهَ كيفَ يَلْتَقِيانِ
هي شَامِيَّةٌ إذَا ما اسْتَقَلَّت                     وَسُهَيلٌ إذَا استقلَّ يَمَاني
          وعاشَ أبوها إِلَى زمن مُعَاويةَ ووَرِثَ دار عبد شَمْسٍ وكان أقعدَهم، فحجَّ مُعَاويةُ فِي خلافته فدخل ينظر إِلَى الدَّار، فخرج عَبْدُ اللهِ بِمِحْجَنٍ ليضربَهُ وقال: لا أشبَعُ الله بطنَكَ أمَّا تكفيكَ الخلافة حتَّى تطلب الدَّار فخرج مُعَاوية يَضْحك.
          وأخو بني عَدِيٍّ الأنصاريِّ هو سَوَادُ بن غَزِيَّةَ البَلَويُّ حليفُ بني عَدِيِّ بن النَّجَّارِ استعملَهُ رَسُوْل اللهِ صلعم عَلَى خَيْبرَ، شَهِدَ بدرًا وأَسرَ يومئذٍ خالدَ بن هِشَامٍ أخا أبي جَهْلٍ عمروٍ والعاصِي قُتلا يوم بدْرٍ، والحارث فرَّ يومئذٍ ثمَّ أسلَمَ عام الفتح. وسَوَادُ: هو الَّذِي طعنه رَسُوْل اللهِ صلعم بِمِخْصَرَتِهِ ثمَّ أعطاها إيَّاهُ، وقال: ((استقِدْ بها)).
          فَصْلٌ: الجَنِيبُ نوعٌ جيِّدٌ معروفٌ مِن أنواع التَّمر. والجمعُ رديءٌ قَالَ الأصمعيُّ: كلُّ لونٍ مِن النَّخل لا يُعرف اسمه فهو جمعٌ، وفي «الصِّحاح»: الجمع: الدَّقَل، يُقال: ما أكثر الجمع فِي أرض بني فلانٍ مِن النَّخل خرجَ مِن النَّوى لا يُعرف اسمهُ، وقال القزَّاز: الجمعُ: أخلاطُ أجناس التَّمر، والجَنِيب: ما بعدَها فِي الجودة.
          فَصْلٌ: وَقَوْلُهُ فيه: (لاَ تَفْعَلُوا وَلَكِنْ مِثْلًا بِمِثْلٍ، أَوْ بِيعُوا هَذَا وَاشْتَرُوا بِثَمَنِهِ مِنْ هَذَا، وَكَذَلِكَ المِيزَانُ) يعني: وزنًا بوزنٍ فيما يُوزَنُ، فكلُّ ما يُوزن يُباع مِثلًا بمثلٍ مِثل ما يُكال، وأمَّا التمر فَمَكِيلٌ ولا يُباع وزنًا بوزنٍ لاختلاف نَوَاه.
          وَقَوْلُهُ: (لاَ تَفْعَلُوا) ولم يذكر الفسخ، وفي مُسلمٍ ((هو الرِّبا، فردُّوه ثمَّ بيعوا تمرنا واشتروا لنا هَذَا)).
          فَصْلٌ: قد تقدَّم هَذَا الباب فِي كتاب الأحكام، وسلف هَذَا التعليق مسندًا [خ¦2697]، ووجه دخوله هنا: أنَّ الواجب عَلَى مَن حكمَ بغير السُّنَّة جهلًا وغلطًا ثمَّ تبيَّن له أنَّ سنَّةَ الرسول خِلاف حُكمه، فإنَّ الواجب عليه الرجوع إِلَى حُكم السُّنَّة وترك ما خالفها امتثالًا لأمره تَعَالَى بوجوبِ طاعتِهِ وطاعةِ رسوله أن لا يحكم بخلاف سنَّتهِ، وَهَذَا هو نفسُ الاعتصام بالسُّنَّة، وقد سلف الكلام فِي هَذَا الحَدِيْث، وأنَّه ◙ أمرَ بِرَدِّ هَذَا البيع وفسخِهِ فِي كتاب البُيُوع فأَغْنَى عن إعادتهِ [خ¦4244].