-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
باب قول النبي: بعثت بجوامع الكلم
-
باب الاقتداء بسنن رسول الله
-
باب ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعنيه
-
باب الاقتداء بأفعال النبي
-
باب ما يكره من التعمق والتنازع في العلم والغلو في الدين والبدع
-
باب إثم من آوى محدثًا
-
باب ما يذكر من ذم الرأي وتكلف القياس
-
باب ما كانَ النبي يسأل مما لم ينزل عليه الوحي
-
باب تعليم النبي أمته من الرجال والنساء مما علمه الله
-
باب قول النبي: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق يقاتلون
-
باب قول الله تعالى: {أو يلبسكم شيعًا}
-
باب مَن شبه أصلًا معلومًا بأصل مبين قد بين الله حكمهما
-
باب ما جاء في اجتهاد القضاة بما أنزل الله تعالى
-
باب قول النبي: لتتبعن سنن من كانَ قبلكم
-
باب إثم من دعا إلى ضلالة أو سن سنة سيئة
-
باب ما ذكر النبي وحض على اتفاق أهل العلم
-
باب قول الله تعالى: {ليس لك من الأمر شيء}
-
باب قوله تعالى: {وكانَ الإنسان أكثر شيء جدلًا}
-
باب قوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمةً وسطًا}
-
باب: إذا اجتهد العامل أو الحاكم فأخطأ
-
باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ
-
باب الحجة على من قال: إن أحكام النبي كانَت ظاهرة
-
باب من رأى ترك النكير من النبي حجة لا من غير الرسول
-
باب الأحكام التي تعرف بالدلائل
-
باب قول النبي: لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء
-
باب نهي النبي على التحريم
-
باب قول الله تعالى: {وأمرهم شورى بينهم}
-
باب قول النبي: بعثت بجوامع الكلم
-
كتاب التوحيد
░2▒ بابُ الاقْتِدَاءِ بِسُنَنِ رَسُولِ اللهِ صلعم
وقولِ اللهِ ╡: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان:74] قَاَل: أئمَّةً نَقْتدي بِمَنْ قَبْلَنا، ويَقْتَدي بِنَا مَنْ بَعْدَنَا. وقال ابن عَوْنٍ: ثَلاثٌ أُحِبُّهُنَّ لنفسي ولإِخْوانِي: هذِه السُّنَّة أنْ يتَعَّلموُها ويَسْألُوا عنها، والقُرْآنُ يَتَفَهَّموه ويَسْألُوا عنهُ، ويَدْعُوا النَّاسَ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ.
وهذا أخرجه اللاَّلْكَائِيُّ في «سُننه الكبير» مِن حَديث القَعْنَبِيِّ عن حمَّادِ بن زيْدٍ عنه.
ثمَّ ساق البُخَارِيُّ أحاديثَ:
7275- أحدها: حَديث أبي وائلٍ قَال: (جَلَسْتُ إلى شَيْبَةَ فِي هذا المَسْجِدِ فَقَال: جَلَسَ إِلَيَّ عُمَرُ ☺ فِي مَجْلِسِكَ هذا فَقَال: هَمَمْتُ أَنْ لا أَدَعَ فِيها صَفْرَاَءَ وَلا بَيْضَاء إِلَّا قَسَمْتُهَا بَيْنَ المُسْلِمِيْنَ، قُلْتُ: مَا أَنْتَ بِفَاعِلٍ، قَالَ: لِمَ؟ قُلْتُ: لِمْ يَفْعَلَهُ صَاحِبَاكَ، فقَالَ: هُمَا المَرْآنِ يُقْتَدَى بِهِمَا).
7276- ثانيها: حَديث حُذَيفة ☺: (أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ مِنَ السَّمَاءِ فِي جَذْرِ قُلُوْبِ الرِّجَالِ، ونَزَلَ القُرْآَنُ فَقَرَؤوا القَرْآنَ وَعَلِمُوا مِنَ السُّنَّةَ).
7277- ثالثها: حَديث مُرَّةَ الهَمْدَانيِّ قَال عَبْدُ اللهِ: (إِنَّ أَحْسَنَ الحَدِيْثِ كِتَابُ اللهِ، وَأَحْسَنَ الهَدْي هَدْيُ مُحَمَدٍ صلعم، وَشَرَّ الأُمُوْرِ مُحْدَثَاتُهَا، وإِنَّ مَا تُوْعَدُونَ لآتٍ ومَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِيِنَ).
7278- 7279- رابعها: حَديث أبي هُرَيرةَ ☺: (كُنَّا عِنْدَ النَّبيِّ صلعم فقال: لأَقْضِيَنَّ بَينَكُمَا بِكِتَابِ اللهِ).
7280- خامسها: حَديث أبي هُرَيرةَ ☺: قَالَ رسُول الله صلعم: (كُلُّ أُمَّتي يَدْخُلُوْنَ الجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى).
7281- سادسها: حَديث جابرِ بن عبدِ اللهِ ☻. أخرجه عن مُحمَّدِ بْنِ عُبَادةَ، حدَّثنا يَزِيدُ، حدَّثنا سَلِيم بْنُ حَيَّانَ _وأَثْنَى عَلَيْهِ_ أخبرنا سَعيدُ بْنُ مِيْنَاءَ، عنه قَال: (جَاءتْ ملائِكَةٌ إِلَى رسول الله صلعم وهو نَائِمٌ، فقَالَ بَعْضُهُم: إِنَّه نَائمٌ، وقَالَ بَعْضَهم: إِنَّ العَيْنَ نَائِمَةٌ وَالقَلْبَ يَقْظَانُ...) الحديث.
ثمَّ قَال: تَابَعَهُ قُتَيْبَةُ عَنْ لَيْثٍ عَنْ خَالدٍ، عَنْ سَعِيْدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ، عَنْ جَابِرٍ ☺: قَال خَرَجَ عَلَيْنَا رسُول الله صلعم.
7282- سابعها: حَديث حُذَيفة ☺ قَال: (يا مَعْشَرَ القُرَّاء، اسْتَقِيْمُوا، فقَدْ سُبِقْتُمْ سَبْقًا بَعِيْدًا، وَإِنْ أَخَذْتُمْ يَمِيْنًا وشِمَالًا، فَقَدْ ضَلَلْتُمْ ضَلَالًا بَعِيْدًا).
7283- ثامنها: حَديث أبي مُوسَى ☺: (أَنَا النَّذِيْرُ العُرْيَانُ). وقد سلف [خ¦6482].
7284- 7285- تاسعها: حَديث أبي هُرَيرةَ ☺: في قوله: (لَوْ مَنَعُوْنِي عِقَالًا..). ذكره عن قُتَيبةَ، حدَّثنا الليْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنُ عُتْبَةَ، عَنْهُ. وقَالَ ابن بُكَيْرٍ وعَبدُ اللهِ، عَنْ اللَّيثِ، عن عُقَيلٍ: عَنَاقًا. وهْوَ أَصَحُّ.
7286- العاشر: حَديث ابن عبَّاسٍ ☻: قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْن بْنِ بَدْرٍ فَنَزَلَ عَلى ابن أَخِيْهِ الحرِّ بْنُ قَيْسٍ، الحديث. وفي آخره: (فَوَاللهِ مَا جَاوَزَهَا عُمَرُ، وكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللهِ).
7287- الحادي عشر: حَديث أسماءَ ♦ في الكُسُوف.
7288- الثاني عشر: حَديث أبي هُرَيرةَ ☺: (دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ).
الشرح: أمرَ الربُّ جلَّ جلاله عبادَهُ باتِّباع نبيِّهِ والاقتداء بِسُنَّته، فقال: {فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ} [الأعراف:158]، وقال: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ}الآية [الأعراف:157] وتوعَّدَ مَن خالفَ سبيله ورَغِب عن سنَّته فقال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ}الآية [النور:63]، وهذه الآياتُ مصدِّقَةٌ لأحاديث هذا الباب.
فَصْلٌ: وقول عُمَر ☺: ((لَقَدْ هممتُ ألَّا أدعَ صفراءَ ولا بيضاءَ))، يعني: ذهبًا ولا فِضَّةً، أراد أن يقسِمَ المال الذي يُجمع بمكَّةَ وفَضُل عن بُغيتها ومُؤنتها، ويضعَهُ في مصالِحِ المسلمين، فلمَّا ذكَّره شَيْبةَ أنَّه ◙ والصِّدِّيق بعده لم يتعَرَّضا له لم يسعَهُ خِلافهما، ورأى أنَّ الاقتداء بهما واجبٌ، فربَّما تهدَّم البيت أو خَلِق بعضُ آلاته فصُرف ذلك المال فيه، ولو صُرف ذلك المال في منافع المسلمين لكان كأنَّه خرجَ عن وجهِهِ الذي سُئل فيه.
فَصْلٌ: وما ذكره البُخَارِيُّ في تفسير الآية هو قول الحَسَن، وقال الضَّحَّاك: / إنَّه يُقتدى بنا في الخير.
فَصْلٌ: وأمَّا الأمانة التي في حَديث حُذَيفة ☺ فإنَّها الإيمان وجميع شرائعه، والتنزُّه عن الخيانة وشبهها.
والجَذْر: أصلُ الشيء فدلَّ ذلك أنَّ الإيمان مفروضٌ على القلب ولا بدَّ مِن النِّيَّةِ في كلِّ عملٍ على ما يَذهب إليه جمهور الأئمَّة.
وقوله: (نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ) يعني: بعض الرجال الذين ختمَ الله لهم بالإيمان، وأمَّا مَن لم يَقْدر له به فليس بداخلٍ في ذلك، أَلَا ترى قوله: (وَنَزَلَ القُرْآنُ ثمَّ قَرَءُوا مِن القُرْآنِ، وَعَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ). يعني: المؤمنين خاصَّةً المذكورين في أوَّل الحديث.
وقد أسلفنا أنَّ الجذر بفتح الجيم _وحكي كسرها_ ثمَّ ذالٍ معجمةٍ، قَال أبو عُبَيدٍ: وهو الأصلُ مِن كلِّ شيءٍ أتى بقوله: (فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ)، أي: أصل قلوبهم.
فَصْلٌ: وشيخ البُخَارِيِّ في حَديث أبي هُرَيرةَ ☺: (كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى) محمَّدُ بن سِنَانَ هو: الباهلِيُّ العَوْفيُّ لنزوله فيهم، وشيخه في حَديث جابرٍ محمَّدُ بن عَبَادة _بفتح العين والباء، وما عَدَاه في «الصحيحين»: عُبادة_ بضمِّ العين.
فَصْلٌ: ومتابعة قُتَيبةَ أخرجها التِّرْمِذِيُّ ثمَّ قَال: هو مُرْسَلٌ، سعيدُ بن أبي هِلَالٍ لم يدرك جابرًا، وقد رُوي هذا الحديث عن النَّبِيِّ صلعم مِن غير هذا الوجه بإسنادٍ أصحَّ مِن هذا، وقال خَلفٌ الوَاسطِيُّ في «أطرافه» لم يَسمع سَعِيدٌ مِن جابرٍ، والحديث ليس بمتَّصلٍ، وكأنَّ التِّرْمِذِيَّ يشير بالإسناد الصحيح إلى ما رواه هو مِن حَديث سَعِيد بن مِينَاءَ، وقال: صحيحٌ غريبٌ مِن هذا الوجه، فقال: حدَّثنا محمَّدُ بن سِنَانَ عن سَلِيم بن حيَّانَ عنه.
فَصْلٌ: قوله: (مَنْ أَبَى، قَالُوا: وَمَنْ يَأْبَى؟) هذا الحرفُ مِن النوادر؛ لأنَّ الفعل إذا لم يكن عينُهُ ولا لامُهُ مِن حروف الحلق كان مستقبله بالكسر أو الضمِّ إلَّا نادرًا، منها هذا، وحَيِيَ يَحْيَى، وقَلَي يَقْلَى وزكي يزكى، و اعتلَّ بهذا الفعل فإنَّهم أقاموا الألف مقام الهمزة وهي حرْفُ حَلْقٍ، وهذا التعليل لا يصحُّ في زكي يزكى. والمأدبة بضمِّ الدَّال وفتحها فصيحتان حكاهما الجَوْهَرِيُّ وغيره، والمشهور الضمُّ والفتح مَفْعَُلة مِن الأدب، وفي حَديث عليٍّ: ((أمَّا إخواننا بنو أُمَيَّةَ فَقَادَةٌ أَدَبَةٌ)). الأَدَبَة: جمع أَدِيبٍ _مثل كاتبٍ وكَتَبة_ وهو الذي يدعو النَّاس إلى المأدُبة.
وقوله: (العَيْنَ نَائِمَةٌ، وَالقَلْبَ يَقْظَانُ). يدلُّ على أنَّ رُؤيا الأنبياء وحيٌ لثباتِ القلب، ولذلك قَال ◙: ((إنَّ عيني تنام ولا ينامُ قلبي)) وكذلك الأنبياء، قَال تعالى: {إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} [الصافات:102].
وقول الملك: (أَوِّلُوهَا لَهُ) يدلُّ على أنَّ الرُّؤيا على ما عُبِّرت في النوم.
فَصْلٌ: وقوله: (سُبَقْتُمْ سَبْقًا بَعِيدًا) هو بضمِّ السِّين مثل ضُرِبت ضَرْبًا.
فَصْلٌ: قوله: (وَأَنَا النَّذِيرُ العُرْيَانُ) قَال ابن السِّكِّيت: هو رجلٌ مِن خَثْعمَ حَملَ عليه يوم ذي الخَلصة عَوفُ بن عامِرٍ فقطع يدَهُ ويدَ امرأته. وقال الخطَّابيُّ: إنَّ النَّذِيرَ إذا كان على مركْبٍ عالٍ فبَصُرَ بالعدُوِّ نَزعَ ثوبَه ولاحَ به ينذِرُ القوم، فسُمِّي العُرْيَان.
وقال أبو عبد الملكِ: هذا مَثَلٌ قديمٌ، وهو: أنَّ رجلًا لقي جيشًا فجرَّدوه فجاء إلى المدينة فقال: رأيتُ الجيشَ بعيني وأنا النَّذِيرُ العُرْيَانُ لكم _فرُؤي عُرْيَانًا_ جرِّدُوني الجيش.
وقوله: (فَالنَّجَاءَ) أي: السُّرعة، وهو ممدودٌ، ويصحُّ أن يكون مِن نَجَا يَنْجُو نَجَاءً مِن النَّجاة.
فَصْلٌ: وقوله: (فَأَدْلَجُوا) أي: ساروا مِن أوَّلِ اللَّيل مأخوذٌ مِن الإدلاج، أي: أدلجوا، وضُبط بتشديد الدَّال، أي: ساروا بسَحَرٍ، والاسم منها الدَُّلجة بالضمِّ والفتح، ومعنى اجتاحَهم: استأصَلَهم، ومنه الجائِحَةُ المُفْسِدَة للثِّمار.
فَصْلٌ: وقول عُمَر ☺ في أهل الرِّدَّة على وجهين، واحتجاج الصِّدِّيق، ورجع إليه الصحابة كلُّهم وثبتت حُجَّته لهم، وكان أهل الرِّدَّة على وجهين: قومٌ كفروا، وقومٌ امتنعوا مِن الزِّكاة وأقرُّوا بالإسلام، وأراد عُمَر ☺ الكفَّ عن هؤلاء، وأراد الصِّدِّيق قِتَالهم على الفساد في الأرض؛ لأنَّهم لا فسادَ عليهم مِن منعِ فريضةٍ، وحُكمُ نافي الزَّكاة الكُفر فإن قُدِر عليه أُخذت منه قهرًا، واختُلف في إجزائها لأجل النِّيَّة.
فَصْلٌ: (الحُرَّ) _بحاءٍ مهملةٍ مضمومةٍ ثمَّ راءٍ_ ابن قيسٍ، وفي الأنصار الجَّدُّ بن قيسٍ _بفتح الجيم ثمَّ الدال_ سيِّدُ بني سَلَمَةَ قَال لهم ◙: ((مَن سيِّدُكم))؟ قَالوا: الجدُّ بن قيسٍ على أنَّا نزنُّه بشيءٍ مِن البُخل. فقال: ((أيُّ داءٍ أَدْوَى مِن البُخل)).
فَصْلٌ: قول عيينة: (مَا تُعْطِينَا الجَزْلَ) أي: العطاء الجَزْل، وهو العظيم الكثير، وكان عُيَينةَ هذا رئيس قومه، وهو الأحمقُ المطَاعُ، ولم يُعرف رئيسٌ شحيحٌ إلَّا أبو سُفْيَان، ولا رئيسٌ صغيرٌ إلَّا أبو جَهْلٍ، وعُيَينة هو الذي قَال فيه رسول الله صلعم: (بئسَ أخو العَشِيرة)، فلمَّا أقبل بشَّ له. وذُكر أنَّه ارتدَّ بعد رسول الله صلعم ثمَّ راجَعَ الإسلام.
فَصْلٌ: معنى قول الحرِّ: (فَمَا جَاوَزَهَا عُمَرُ وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللهِ) هو معنى الترجمة والإعراض عن الجهل _إذا صحَّ إنَّه جَهلٌ_ مرغَّبٌ فيه مندوبٌ إليه.
وأمَّا إذا كان الجَفَاء على السُّلطان تعمُّدًا واستخفافًا بحقِّه فله تغييره والتشديد فيه، واستعمال عُمَرَ ☺ لهذه الآية يدلُّ على أنَّها غير منسوخةٍ، وهو قول مُجَاهِدٍ وقَتَادَةَ.
وروى هِشَامٌ بن عُرْوةَ، عن أبيه، عن عبد الله بن الزُّبير قَالا: نزلت هذِه الآية في أخْذِ العفو مِن أموال النَّاس وأعمالهم وما لا يَجْهَدُهم، فعلى هذا القول هي مُحْكَمةٌ، وهذا لفظه لفظة الأمر، وهو تأديبٌ مِن الله لنبيِّهِ، وفي تأديبه تأديبٌ لأُمَّتِهِ فهو تعليمٌ للمُعَاشرة الجميلة.
وقد رُوي عن ابن عبَّاسٍ _☻_ في قوله: {خُذِ العَفْوَ} [الأعراف:199] يعني: الفَضْلَ مِن أموال النَّاس ثمَّ نُسخ ذلك، وهو قول الضَّحَّاك والسُّدِّيِّ.
وفيها قولٌ ثالثٌ عن ابن زيْدٍ قَال: أمر الله تعالى نبيَّهُ بالعفوِ عن المشركين وترك الغِلْظة عليهم قبل أن يَفْرِض عليه قتالهم ثمَّ نُسخت بالقتال.
فَصْلٌ: قوله: (فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ) احتجَّ به مَن قَال: إنَّ الأمر موضوعٌ على النَّدْب دون الإيجاب لأنَّه علَّق الأمر بمشيئتنا واستطاعتنا، وألزَمنا الانتهاء عمَّا نهى عنه فوجب حمْلُ النَّهي على الوجوب دون الأمر. وردَّه / ابن الطَّيِّب، وقال: التَّعلُّق به غير صحيحٍ.
ومعنى قوله: (فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ) إذا كُنتم مُستطيعين، وقد يأمر بالفعل الذي نَستطيعهُ على سبيل الوجوب كما يأمرُ به على النَّدْب، ولا يدلُّ على أنَّه ليس بواجبٍ، قَال تعالى: {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16]، ولم يُرِد به نَدْبنا إلى التَّقوى دون إيجابِهِ، ومعنى الآية والخبر: أنْ اتَّقوه إذا كُنتم سالمين غير عَجَزةٍ قادرين، ولم يُرِد أنَّه لا يُؤمر إلَّا مَن قد وُجدت قُدرته على الفعل كما قَالت القَدَريَّةُ.
قال المهلَّب: مَن احتجَّ بهذا الحديث أنَّ النَّواهي أوجبُ مِن الأوامر فهو خطأٌ؛ لأنَّه ◙ لم ينَه بهذا الحديث عن المحرَّماتِ التي نهى الله عنها في كتابه، بأنْ حرَّم الفواحشَ ما ظهَرَ منها وما بَطَن، وإنَّما أراد فإذا نهيتُكم عمَّا هو مُبَاحٌ لكم أن تأتوه، فإنَّما نهيتُكم رِفْقًا بكم، كَنَهيهِ عن الوِصَال إبقاءً عليهم، وكنهيه عن إضاعة المال لئلَّا يكون سببًا لهلاككم، ونهيهِ عن كَسْب الحجَّام وعَسْبِ الفَحْل تنزُّهًا واعتلاءً عن الأعمال الوَضِيعة، وأمَّا الأمرُ الذي أمرهم أن يأتوا منه ما استطاعوا فهو الأمر مِن التَّواصي بالخير والصَّدَقات وصِلَة الرَّحِم وغير ذلك ممَّا سنَّه وليس بفرضٍ، ولذلك قَال لهم: (فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ) أي: لم آمركم بذلك أمرَ إلزامٍ ولا أمرَ حتْمٍ أن تبلغوا غاياته ولكن ما استطعتم مِن ذلك؛ لأنَّ الله تعالى عَفَا عمَّا لا يُستطاع، وعلى هذا المعنى خرج لفظ الحديث منه ◙؛ لأنَّ أصحابه كانوا يُكثرون سؤاله عن أعمالٍ مِن الطاعات يَحْرِصُون على فِعْلها، فكان ◙ ينهاهم عن التشدُّد ويأمرهم بالرِّفْق خشيةَ الانقطاع، وسيأتي تقصِّي مذاهب العلماء في الأمر والنَّهي في باب النَّهي على التحريم إلَّا ما يُعرف إباحته بعدُ إن شاء الله تعالى [خ¦7637].
فَصْلٌ: قوله في حَديث أسماءَ ♦: (وَأُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي القُبُورِ قَرِيبًا مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ). أي: فِتنًا قريبًا، ويصحُّ أن يكون: فِتنةً قريبًا، وأتى به على المعنى أي تَبتلون بلاءً قريبًا، مثل قوله تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف:59] أي: إنَّ إحسانَهُ أَوْلى، ولأنَّ ما كان تأنيثه حقيقيًّا يجوز تذكيره.