التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب قول الله تعالى: {أو يلبسكم شيعًا}

          ░11▒ باب قَوْلِ اللهِ تَعَالى: {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا} [الأنعام:65]
          7313- ذكر فيه حَديث جابرٍ ☺: لَمَّا نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلعم: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} [الأنعام:65]، قَالَ: (أَعُوْذُ بِوَجْهِكَ)، {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} قَالَ: (أَعُوْذُ بِوَجْهِكَ)، فَلَمَّا نَزَلَتْ: {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ}، قَالَ: (هَاتانِ أَهْوَنُ) أَوْ (أَيْسَرُ).
          الشرح: في الآية أقوالٌ:
          قال ابن عبَّاسٍ: ({مِنْ فَوْقِكُمْ}) أئمَّة السُّوء، و{مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} خَدَمُ السُّوء، وقيل: الأتباع، وقال الضَّحَّاك: ({مِنْ فَوْقِكُمْ}) أي: كِباركم، ({أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ}) مِن سَفَلَتهم، وقال أبو العبَّاس: ({مِنْ فَوْقِكُمْ}) يعني الرَّجم، ({أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ}): يعني الخَسْف.
          وقوله: ({أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا}) الشِّيع: الفِرَق، والمعنى: شِيَعًا مُفترقةً مختلفةً لا مَتَّفقةً لَبَستُ الشيءَ خَلَطته، ولَبَستُ عليه أَلْبِسُهُ إذا لم تبيِّنه.
          ونقل ابن بطَّالٍ عن المفسِّرين ({مِنْ فَوْقِكُمْ}): يَحْصِبُكم بالحجارة، أو يُغْرِقُكم بالطوفان الذي غَرِق به قومُ نوحٍ، ({أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ}): الخَسْفُ الذي نال قَارُونَ ومَن خُسف به، وقيل: الرِّيح، ({وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ}): يعني الحرب والقتل.
          ويُروى أنَّه ◙ سأل ربَّه تعالى أن لا يَستأصل أمَّته بعذابٍ ولا يُذِيق بعضهم بأسَ بعضٍ فأجابه في صَرْف العذابِ دون الثاني وأن لا تختلف.
          فلذلك قال ◙: (هَاتَانِ أَهْوَنُ) أي: الاختلاف والفِتنة أيسرُ مِن الاستئصال والانتقام بعذاب الله وإن كانت الفِتنة مِن عذاب الله لكن هي أخفُّ لأنَّها كفَّارةٌ للمؤمنين، أعاذَنا الله مِن عذابِهِ ونِقَمِهِ. وقال ابن التِّين: أي: لِمَا في ذلك مِن النَّكير كذا عن قومٍ والإكرام وأنَّه لم يُسلَّط عليهم غيرهم.