شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب العفو في الخطأ بعد الموت

          ░10▒ باب: الْعَفْوِ في الْخَطَأ بَعْدَ الْمَوْتِ.
          فيه عَائِشَةُ: صَرَخَ إِبْلِيسُ يَوْمَ أُحُدٍ في النَّاسِ: يَا عِبَادَ اللهِ! أُخْرَاكُمْ. [خ¦6883]
          فَرَجَعَتْ أُولاهُمْ على أُخْرَاهُمْ فقَتَلُوا الْيَمَانِ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: أبي أبي، فَقَتَلُوهُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: غَفَرَ اللهُ لَكُمْ. قَالَ: وَقَدْ كَانَ انْهَزَمَ مِنْهُمْ قَوْمٌ حَتَّى لَحِقُوا بِالطَّائِفِ.
          هذا أصلٌ مجمعٌ عليه أنَّ عفو الوليِّ لا يكون إلَّا بعد الموت؛ إذ قد يمكن أن يبرأ فلا يموت، وأمَّا عفو القتيل فإنَّه قبل الموت.
          وزعم أهل الظاهر أنَّ العفو لا يكون للقتيل، ولا يكون إلَّا للوليِّ خاصَّةً، وهذا خطأٌ؛ لأنَّ الوليَّ إنَّما جعل إليه القيام بما كان للقتيل من القيام عن نفسه من أجل ولايته له ومحلِّه منه، فالقتيل أولى بذلك.
          قال المُهَلَّب: وإنَّما فهم العفو في هذا الحديث من قول حذيفة: (غَفَرَ اللهُ لَكُمْ). وقد كان يتوجَّه الحكم إلى اليمان إلى أخذ الدية من عاقلة القاتلين، وإن لم يعرف من هم، فقد اختلف العلماء في قتيل الزحام على ما يأتي بيانه بعد هذا إن شاء الله تعالى. [خ¦6890]