شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب اليمين على المدعى عليه في الأموال والحدود

          ░20▒ باب: الْيَمِينُ على الْمُدَّعَى عَلَيْهِ في الأمْوَالِ وَالْحُدُودِ
          وَقَالَ صلعم: (شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ).
          فَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: كَلَّمَنِي أَبُو الزِّنَادِ في شَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَيَمِينِ الْمُدَّعِي، فَقُلْتُ: قَالَ اللهُ ╡: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى(1)}[البقرة:282]. قُلْتُ: إِذَا كَانَ يُكْتَفَى بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ(2) وَيَمِينِ الْمُدَّعِي فَمَا تَحْتَاجُ أَنْ تُذْكِرَ إِحْدَاهُمَا الأخْرَى، مَا كَانَ يَصْنَعُ بِذِكْرِ هَذِهِ الأخْرَى؟!
          فيه: ابْنُ عَبَّاسٍ: (أَنَّ النَّبيَّ صلعم قَضَى بِالْيَمِينِ على الْمُدَّعَى عَلَيْهِ). [خ¦2668]
          وفيه: ابْنُ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبيَّ صلعم قَالَ: (شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ). [خ¦2669] [خ¦2670]
          أجمع العلماء على استحلاف المدَّعى عليه في الأموال، واختلفوا في الحدود والطلاق والنكاح والعتق(3)، فذهب الشافعيُّ أنَّ اليمين واجبٌ(4) على كلِّ مدَّعى عليه إذا لم يكن للمدِّعي بيِّنةٌ، وسواءٌ كانت الدعوى في دمٍ أو جراحٍ أو طلاقٍ أو نكاحٍ أو عتقٍ أو غير ذلك، واحتجَّ بقوله صلعم: (شَاهِدَاكَ أَو يَمِينُهُ)قال: ولم يخصَّ النبيُّ صلعم مدَّعي مالٍ دون مدَّعي دمٍ أو غيره، بل الواجب أن يحمل قوله صلعم على العموم، ألا ترى أنَّه صلعم جعل القسامة في دعوى الدم، وقال للأنصار: ((تبرئكم يهود بخمسين يمينًا))، والدم أعظم حرمةً من المال.
          وقال الشافعيُّ وأبو ثورٍ: إذا ادَّعت المرأة على زوجها خلعًا أو طلاقًا، وجحد الزوج الطلاق، فالمرأة المدَّعية عليها البيِّنة، فإن لم يكن لها بيِّنةٌ استحلف الزوج، وإن ادَّعى الزوج أنَّه خالعها على مالٍ وهي ناشزٌ فأنكرت المرأة، فإن أقام البيِّنة لزمها المال، وإن لم يُقم بيِّنةً حلفت ولزم الزوج الفراق؛ لأنَّه أقرَّ بذلك، وإذا(5) ادَّعى العبد العتق ولم تكن له بيِّنةٌ استحلف السيِّد، فإن حلف برئ، وإن ادَّعى السيِّد أنَّه أعتق عبده على مالٍ، والعبد منكرٌ لذلك حلف(6) ولزم السيِّد العتق. وكان سوارٌ يحلِّف في الطلاق، وكان أبو يوسف ومحمَّدٍ يريان أن يستحلف على النكاح، فإن أبى(7) ألزم النكاح.
          وذكر ابن المنذر عن الشَّعبيِّ والثوريِّ وأصحاب الرأي: أنَّه لا يستحلفه(8) على شيءٍ من الحدود ولا على القذف، وقالوا: يستحلفه على السرقة فإن نكل عن اليمين لزمه النكال، وفيه قولٌ آخر: ألَّا(9) يمين في النكاح والطلاق(10) والعتق والفرقة(11) إلَّا أن يقيم المدِّعي شاهدًا واحدًا، فإذا أقامه استحلف المدَّعى عليه. هذا قول مالك بن أنسٍ.
          قال ابن حبيبٍ: إذا أقامت المرأة أو العبد شاهدًا واحدًا على أنَّ الزوج طلَّقها أو(12) السيِّد أعتقه؛ فإنَّ اليمين تكون على السيِّد والزوج، فإن حلفا سقط عنهما الطلاق والعتق، هذا قول مالكٍ وابن الماجِشون وابن كنانة، قال مالكٌ في «المدوَّنة»: فإن نكل قضي بالطلاق والعتق. ثمَّ رجع مالكٌ فقال: لا يقضى بالطلاق والعتق. ثمَّ رجع مالكٌ فقال: لا يقضى بالطلاق وليسجن، فإن طال سجنه دُيِّن وترك. وبهذا قال(13) ابن القاسم، وطول السجن عنده سنةٌ، وروى أشهب عن مالكٍ في «العتبيَّة» في الرجل يأتي بشاهدٍ واحدٍ على رجلٍ شتمه: أيحلف مع شاهده ويستحقُّ ذلك، أو يستحلف المدَّعى عليه ويبرأ؟ قال: لا يحلف في مثل هذا مع الشاهد، وأرى إن كان الشاتم معروفًا بالسفه أن يؤدَّب ويعزَّر(14). قلت له: أفترى على المدَّعى عليه يمينًا؟ قال: نعم، وليس كلُّ ما رأى المرء يحب أن يجعله سنَّةً فيذهب به إلى الأمصار، فضعَّف(15) المدَّعى عليه في هذه المسألة حين رأى ألَّا يجعل قوله سنَّةً.
          وذهب أهل المقالة الأولى إلى وجوب اليمين على المدَّعى عليه بمجرَّد الدعوى في كلِّ دعوى، ولم ير مالكٌ على المدَّعى عليه يمينًا، حتَّى يقيم المدَّعي شاهدًا واحدًا في دعوى النكاح والطلاق، والعتق والفرية. والعتاقة عند مالكٍ حدٌّ من الحدود؛ لأنَّه إذا أعتق العبد ثبتت حرمته وجازت شهادته ووقعت الحدود له وعليه بخلاف ما كانت قبل ذلك، / ورأى في الأموال خاصَّةً اليمين على المدَّعى عليه دون شاهدٍ يقيمه المدَّعي؛ لأنَّ إيجاب البيِّنة على المدَّعي واليمين على المنكر(16) إنَّما ورد في خصام في أرضٍ بين الأشعث بن قيسٍ ورجلٍ(17) آخر، ففيه قال النَّبيُّ(18) صلعم: (شَاهِدَاكَ أَو يَمِينُهُ).
          فرأى مالكٌ حمل الحديث على ما ورد عليه في الأموال خاصَّةً، ورأى في دعوى النكاح والطلاق والعتق والفرية إذا أقام المدَّعي شاهدًا واحدًا أن يحلف(19) المدَّعى عليه فيتبرَّأ بذلك من الدعوى التي قويت شبهتها بالشاهد، ولو جاز فيها دخول الأيمان دون شاهدٍ يقيمه المدَّعي لأدَّى ذلك إلى إضاعة الحدود واستباحة الفروج ورفع الملك.
          ولا يشاء أحدٌ أن يدَّعي نكاح امرأةٍ فتنكر فيحلفها ويبتذلها(20) بذلك، فإن لم تحلف أخذها(21) زوجها واستباح فرجها الذي هو أعلى رتبةً من المال؛ لأنَّ المال يقبل فيه شاهدٌ وامرأتان ولا يقبل ذلك في النكاح، ولو ادَّعى أنَّها زوجته وصدَّقته المرأة لم يحكم بينهما بثبوت الزوجيَّة بتقاررهما دون بيِّنةٍ تشهد على ذلك، فكذلك لا تقبل دعوى المرأة على زوجها أنَّه طلَّقها إلَّا بالبيِّنة ولا تحلِّفه بدعواها؛ لأنَّ هذا يؤدِّي إلى أن يستبيح الأجنبيُّ فرجها مع كونها زوجةً للأوَّل(22)؛ لأنَّه لا تشاء امرأةٌ تكره زوجها إلَّا ادَّعت عليه كلَّ يومٍ طلاقها، ولا يشاء عبدٌ العتق إلَّا ادَّعى على مولاه أنَّه أعتقه، ولا سيَّما إذا علم أنَّ الزوج أو السيِّد ممَّن لا يحلف في مقطع الحقوق فكثيرٌ من الناس يتجنَّب ذلك، فإن(23) لم يحلف الزوج ولا السيِّد طُلِّقت المرأة وعُتِق العبد، هذا على قول مالكٍ الأوَّل الذي أوجب العتق والطلاق(24) بالنكول، والقول الآخر الذي رجع إليه أشدَّ احتياطًا في تحصين الفروج والحدود.
          وأمَّا قياس الشافعيِّ كلَّ دعوى على القسامة، فالقسامة بابٌ مخصوصٌ ولا يجوز أن يقاس على المخصوص، ولا يجوز أن يؤخذ ما أصله موجودٌ في سنَّة النبيِّ صلعم فيجعل فرعًا يقاس على أصلٍ لا يشبهه؛ لأنَّ قياس الأصول بعضها على بعضٍ لا يجوز، ولو كان فرعًا ما جاز قياسه على أصلٍ لا يشبهه(25) وأحقُّ الناس بأن يمنع أن(26) يجعل في باب الدعوى في الدم(27) قياسًا على القسامة من لا يرى القود بالقسامة وهو الشافعيُّ، والقسامة يبدأ فيها المدِّعي باليمين عند مالكٍ والشافعيِّ، والمدَّعى عليه في غير هذا يبدأ باليمين(28) وأيضًا فإنَّ القسامة لم يحكم فيها بالأيمان إلَّا بعد اللوث، وأقيمت الأيمان مقام الشهادة وغُلِّظت حتَّى جعلت خمسين يمينًا، وليس هذا في شيءٍ من الأحكام.
          وقال محمَّد بن عُمَر بن لبابة: مذهب مالكٍ على ما روي عن عمر بن عبد العزيز أنَّه لا يجب يمينٌ إلَّا بخلطةٍ، وبذلك حكم القضاة عندنا، والذي أذهب إليه في خاصَّة نفسي وأفتي به من قلَّدني فاليمين بالدَّعوى؛ لقول النَّبيِّ صلعم: ((اليمين على المدَّعى عليه)).
          وقال(29) ابن المنذر: لمَّا جعل النبيُّ اليمين على المدَّعى عليه دخل(30) في ذلك الخيار والشرار، والمسلمون والكفَّار، والرجال والنساء علم بين المدِّعي والمدَّعى عليه معاملةٌ أم لا. هذا قول الكوفيِّين والشافعيِّ، وأصحاب الحديث وأحمد بن حنبلٍ. قال ابن المنذر: ولمَّا قال من خالفنا أنَّ البيِّنة تقبل بغير سببٍ(31) تقدَّم من معاملةٍ بين المدِّعي وبين صاحبه، وجب كذلك أن يستحلف المدَّعى عليه وإن لم تعلم معاملةٌ(32) تقدَّمت بينهما؛ لأنَّ مخرج الكلامين(33) من رسول الله صلعم واحدٌ، وما أحدٌ في أوَّل ما يعامل صاحبه إلَّا ولا(34) معاملة كانت بينهما قبلها.
          واحتجَّ الكوفيُّون بقوله صلعم: ((شاهداك أو يمينه)) في أنَّ اليمين لا يجب ردَّها على المدِّعي إذا نكل المدَّعى عليه. قالوا: ويحكم بنكول المدَّعى عليه، ألا ترى قوله صلعم: ((شَاهِدَاكَ أَو يَمِينُهُ)) ولم يقل: أو يمينك، ولو كان الحكم يتعلَّق بيمين المدِّعي لذكره كما ذكر بيِّنةَ المدِّعي ويمين المدَّعى عليه، وستأتي مذاهب العلماء في ردِّ اليمين وحجَّة كلِّ فريقٍ(35) في حديث القسامة.
          وقوله: (شَاهِدَاكَ أَو يَمِينُهُ). قال سيبويه: المعنى: ما يثبت لك شاهداك، وتأويله ما يثبت لك بشهادة(36) شاهديك / فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه.
          وأمَّا احتجاج ابن شُبْرُمَة على أبي الزناد في إبطال الحكم باليمين مع الشاهد، فإنَّ العلماء اختلفوا فيه، فممَّن وافق ابن شُبْرُمَة في ذلك: ابن أبي ليلى والنخعيُّ وعطاءٌ(37) والشَّعبيُّ والكوفيُّون والأوزاعيُّ قالوا: لا يجوز القضاء باليمين مع الشاهد. قال محمَّد بن الحسن: وإن حكم قاضٍ بذلك نقض حكمه، وهو بدعةٌ. قالوا: وقال ابن شهابٍ: إنَّه بدعةٌ، أوَّل ما حكم به معاوية، وهو قول الزهريِّ والليث.
          وروي عن أبي بكر الصدِّيق وعمر وعليٍّ وأبيِّ بن كعبٍ أنَّه يحكم باليمين مع الشاهد، وهو قول الفقهاء السبعة المدنيِّين وربيعة وأبي الزناد، وقال به من أهل العراق: الحسن البصريُّ وعبد الله بن عُتْبَة وإياس بن معاوية. قال مالكٌ والشافعيُّ وأحمد وإسحاق وأبو ثورٍ: والحكم به عندهم في الأموال(38) خاصَّةً، وأجمعوا(39) أنَّه لا يجب حدٌّ بيمينٍ وشاهدٍ.
          واحتجَّ الكوفيُّون فقالوا: الحكم باليمين مع الشاهد خلاف القرآن والسنَّة؛ لقوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ}[البقرة:282]، وقوله صلعم: (شَاهِدَاكَ أَو يَمِينُهُ) فيقال لهم: ليس بخلاف للقرآن والسنَّة كما توهَّمتموه، وإنَّما هو زيادة بيانٍ كنكاح المرأة على عمَّتها وخالتها مع قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ}[النساء:24]، ومثل المسح على الخفَّين مع ما(40) نزل به القرآن من غسل الرجلين ومسحهما، فكذلك ما قضى به النبيُّ صلعم لعبد الله من اليمين مع(41) الشاهد مع قوله تعالى: {فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ(42)}[البقرة:282].
          ويقال لهم: إنَّ مالكًا أوجب القصاص في الجراح باليمين مع الشاهد، فقال في «المدوَّنة»: وكلُّ جرحٍ فيه قصاصٌ فإنَّه يقتصُّ فيه بيمينٍ وشاهدٍ، وقاله عُمَر بن عبد العزيز، ووقع له في كتاب الأقضية ما يوهم خلاف هذا الأصل فقال: ومن ادَّعى على رجلٍ قصاصًا وأنَّه ضربه بالسوط لم يجب عليه يمينٌ إلَّا أن يأتي بشاهدٍ فيستحلف له، وقد كان يجب على أصله المتقدِّم أن يحلف المضروب مع شاهده ويقتصُّ، ولم يوجب ذلك له مالكٌ(43) في هذه المسألة، ووجه المسألتين أنَّ القصاص المذكور في هذه المسألة الأخيرة ليس بجرحٍ يجب فيه قصاصٌ ولا ديةٌ معلومةٌ، وإنَّما هو في الركضة واللطمة، ألا ترى أنَّه جعل القصاص المذكور مع الضربة بالسوط؛ وليس في شيءٍ من ذلك قصاصٌ عنده بمثله(44)، وإنَّما فيه أدب الإمام، والأدب لا يجب بشاهدٍ ويمينٍ، وإنَّما هو إلى اجتهادٍ الإمام، ولو وجب ذلك بشاهدٍ ويمينٍ لكان مقدَّرًا، ولم يكن(45) فيه لاجتهاد السلطان مدخلٌ، والمسألة الأولى القصاص فيها إلى المجروح وهو من حقوقه فهو كسائر الحقوق التي يستحقُّها بشاهدٍ ويمينٍ، ولا بدَّ مع(46) القصاص من أدب السلطان بجرأته(47) على جرحه، والمسألة الأخرى إنَّما فيها أدب التعدِّي فقطُ فلذلك يحلف فيها المدِّعي، واحتجَّ الكوفيُّون أيضًا فقالوا: الزيادة على النصِّ عندنا(48) نسخٌ له.
          قال ابن القصَّار: فالجواب أنَّ ذلك بيانٌ وليس بنسخٍ؛ لأنَّ النسخ إنَّما هو ما(49) لو ورد مقترنًا به لم يمكن(50) الجمع بينهما، وفي هذا الموضع لو ورد مقترنًا لجاز أن يجمع بينهما وهو أن يقول تعالى: واستشهدوا شهيدين من رجالكم أو شاهدًا وامرأتين أو شاهدًا ويمينًا، فإنَّ ذلك لا يتنافى، وإثبات شاهدٍ ويمينٍ هو إثبات حكمٍ كما يأمرنا بالصلاة ثمَّ يوجب الصوم.
          وقد تناقض الكوفيُّون في هذا الأصل، فنقضوا الطهارة بالقهقهة وزادوها على الأحداث الثابتة(51)، وجوَّزوا الوضوء بالنبيذ، وزادوه على إيجاب(52) الوضوء بالماء المنصوص عليه في الكتاب والسنَّة، ولم يجعلوا ذلك نسخًا لما تقدَّم فتركوا أصلهم.
          وقد احتجَّ مالكٌ لهذه المسألة في «الموطَّأ» فقال: من الحجَّة فيها أن يقال: أرأيت لو أنَّ رجلًا ادَّعى على رجلٍ مالًا، أليس يحلف المطلوب ما ذلك الحقُّ عليه؟ فإن حلف / بطل ذلك الحقُّ عنه، وإن نكل عن اليمين حلف صاحب الحقِّ أنَّ حقَّه لَحَقٌ، وثبت حقُّه على صاحبه، فهذا ما لا اختلاف فيه عند أحدٍ من الناس، فمن أقرَّ بهذا فليقرَّ باليمين مع الشاهد. يريد مالكٌ أنَّه إذا حلف صاحب الحقِّ فإنَّه يقضى له بحقِّه ولا شاهد معه، فكيف بمن معه شاهدٌ؟! فهو أولى أن يحلف مع شاهده.
          قال المُهَلَّب: والشاهد واليمين إنَّما جعله الله رخصةً عند عدم الشاهد الآخر بموتٍ أو سفرٍ أو غير ذلك من العوائق كما جعل تعالى رجلًا وامرأتين رخصةً عند عدم شاهدين؛ لأنَّه معلوم أنَّه لا يحضر المتبايعين شاهدان عدلان أو أكثر فيقتصرا على شاهدٍ وامرأتين أو على شاهدٍ واحدٍ، هذا غير موجودٍ في العادات، بل من شأن الناس الاستكثار من الشهود، فنقل(53) الله العباد في صفة الشهود من حالٍ إلى حالٍ أسهل منها رفقًا من الله بخلقه، وحفظًا لأموالهم فلا تناقض في شيءٍ من ذلك، والحديث بذلك(54) رواه مالكٌ عن جعفر بن محمَّدٍ، عن أبيه: ((أنَّ النبيَّ صلعم قضى باليمين مع الشاهد)).


[1] قوله: ((فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ.... إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى)) ليس في (ص). وزاد فيها: ((الآية)).
[2] في (ص): ((واحد)).
[3] في (ص): ((العتاق)).
[4] في (ص): ((واجبة)).
[5] في (ص): ((وإن)).
[6] قوله: ((حلف)) ليس في (ص).
[7] زاد في (ص): ((أن يحلف)).
[8] في (ص): ((يستحلف)).
[9] في (ص): ((لا)).
[10] في (ص): ((الطلاق والنكاح)).
[11] في (ص): ((الفرية)).
[12] زاد في (ص): ((أن)).
[13] في (ص): ((أخذ)).
[14] في (ص): ((يعزر ويؤدب)).
[15] في (ص): ((فتضعف يمين)).
[16] في (ص): ((من أنكر)).
[17] في (ص): ((الأشعث وبين رجل)).
[18] قوله: ((النبي)) ليس في (ص).
[19] في (ص): ((حلف)).
[20] في (ص): ((أو يبتذلها)).
[21] في (ص): ((أخذ)).
[22] في (ص): ((الأول)).
[23] في (ص): ((وإن)).
[24] في (ص): ((الطلاق والعتق)).
[25] قوله: ((لأن قياس الأصول ًا..... على أصل لا يشبهه)) ليس في (ص).
[26] قوله: ((يمنع أن)) ليس في (ص).
[27] في (ص): ((بالدم)).
[28] قوله: ((عند مالك والشافعي، والمدعى عليه في غير هذا يبدأ باليمين)) ليس في (ص).
[29] في (ص): ((يقول)).
[30] في (ص): ((جعل)).
[31] زاد في (ص): ((فعلم)).
[32] قوله: ((بين المدعي وبين صاحبه، وجب كذلك أن يستحلف المدعى عليه وإن لم تعلم معاملة)) ليس في (ص).
[33] في (ص): ((الكلام)).
[34] في (ص): ((صاحبه الأول)).
[35] قوله: ((وحجة كل فريق)) ليس في (ص). وبعدها: ((في باب القسامة)).
[36] في (ص): ((شهادة)).
[37] في (ص): ((عطاء والنخعي)).
[38] في (ص): ((في الأموال عندهم)).
[39] قوله: ((وأجمعوا)) ليس في (ص).
[40] قوله: ((مع ما)) ليس في (ص).
[41] في (ص): ((مع اليمين والشاهد)).
[42] قوله: (({فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ})) ليس في (ص). وفيها: (({وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ})).
[43] في (ص): ((مالك له ذلك)).
[44] في (ص): ((مثله)).
[45] في (ص): ((يجب)).
[46] في (ص): ((ولا بد مع)).
[47] في (ص): ((لجرأته)).
[48] في (ص): ((عندنا على النص)).
[49] قوله: ((ما)) ليس في (ص).
[50] في (ص): ((يكن)).
[51] في (ص): ((الثمانية)).
[52] قوله: ((إيجاب)) ليس في (ص).
[53] في (ص): ((نقل)).
[54] في (ص): ((في ذلك)).