شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب ما جاء في البينة على المدعي

          ░1▒ بَاب: مَا جَاءَ في الْبَيِّنَةِ على الْمُدَّعِي
          لِقَوْلِهِ ╡: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} إلى {وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ(1)}[البقرة:282]، وقوله ╡: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ(2)} إلى قوله: {بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}[النساء:135] / قال إسماعيل بن إسحاق(3): ظاهر قوله تعالى: {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ}[البقرة:282]يدلُّ أنَّ القول قول من عليه الشيء.
          قال غيره: لأنَّ الله ╡ حين أمره بالإملاء اقتضى تصديقه فيما يمليه، فإذا كان مصدَّقًا فالبيِّنة على مدَّعي(4) تكذيبه.
          وأمَّا الآية الأخرى فوجه الدلالة منها(5) أنَّ الله ╡ قد أخذ عليه أن يقرَّ بالحقِّ على نفسه وأقربائه لمن ادَّعاه عليهم، فدلَّ الكتاب أنَّ القول قول المدَّعى عليه، فإن(6) أكذبه المدَّعي كان على المدّعي(7) إقامة البيِّنة، والأمَّة مجمعةٌ أنَّ البيِّنة على المدَّعي واليمين على المدَّعى عليه في الأموال، إلَّا ما خصَّت به القسامة.
          وقد ذكر البخاريُّ بعد هذا من حديث ابن مسعودٍ وابن عبَّاسٍ، عن النبيِّ صلعم: ((أنَّ البيِّنة على المدَّعي، واليمين على المدَّعى عليه)).
          واختلفوا في صفة يمين المدَّعى عليه في الحدود والنكاح والطلاق والعتق على ما يأتي بعد هذا في بابه إن شاء الله تعالى.


[1] في (ص): (({يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ} إلى {عَلِيمٌ})).
[2] قوله: ((وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ)) ليس في (ص).
[3] قوله: ((ابن إسحاق)) زيادة من (ص).
[4] في (ص): ((من يدعي)).
[5] قوله: ((منها)) ليس في (ص).
[6] في (ص): ((وإن)).
[7] في (ص): ((المدعى عليه)).