شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب التنفس في الإناء

          ░25▒ بَابُ التَّنَفُّسِ(1) في الإنَاءِ.
          فيه: أَبُو قَتَادَة، قال النَّبيُّ صلعم(2): (إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ(3) فَلا يَتَنَفَّسْ في الإنَاءِ، وَإِذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلا يَمْسَحْ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ، وَإِذَا تَمَسَّحَ أَحَدُكُمْ فَلا يَتَمَسَّحْ بِيَمِينِهِ). [خ¦5630]
          قال المُهَلَّب: التَّنفُّس إنَّما نَهى عنه النَّبيُّ صلعم(4) كما نهى عن النَّفخ في الطَّعام والشَّراب _والله أعلم_ من أجل أنَّه لا يؤمن أن يقع فيه شيء من ريقه، فيعافه الطَّاعم له ويستقذر أكله؛ إذ كان التَّقذُّر في باب الطَّعام والشَّراب والتَّنظُّف فيه الغالب على طباع أكثر النَّاس، فنهاه عن ذلك؛ لئلَّا يفسد الطَّعام والشَّراب على من يريد تناوله هذا إذا أكل أو(5) شرب مع غيره، وأمَّا إذا(6) كان الإنسان يأكل أو يشرب وحده أو مع أهله أو مع من يعلم أنَّه لا يتقذَّر(7) شيئا ممَّا يأكل منه فلا بأس بالتَّنفُّس في الإناء، كما فعل النَّبيُّ صلعم مع عُمَر بن أبي سلمة أمره أن يأكل ممَّا يليه وكان هو ◙ يتتبَّع الدُّباء في الصَّحفة، علمًا منه أنَّه لا يتقذَّر(8) منه شيء ◙، وكيف يظنُّ ذلك وكان ◙ إذا تنخَّم تبادر أصحابه نخامته فدلكوا بها وجوههم، وكذلك فضل وضوءه، فهذا فرق بين فعل النَّبيِّ صلعم وأمره غيره بالأكل ممَّا يليه.


[1] في (ص): ((باب النهي عن التنفس)).
[2] في (ص): ((قال ◙)).
[3] قوله: ((أحدكم)) زيادة من (ص).
[4] في (ص): ((عنه ◙)).
[5] في (ص): ((و)).
[6] في (ص): ((وإذا)).
[7] في (ص): ((يقذر)).
[8] في (ص): ((يقذر)).