عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب الأكل متكئا
  
              

          ░13▒ (ص) بَابُ الأَكْلِ مُتَّكِئًا.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيان كيف حكمِ الأكلِ بحال كونه متَّكئًا، وإِنَّما لم يجزم بحكمه لأنَّه لم يأتِ فيه نهيٌ صريحٌ، وقد ترجم التِّرْمِذيُّ هذا الباب بقوله: (باب ما جاء في كراهة الأكل متَّكئًا) ثُمَّ روى حديث أبي جُحَيفة، وقال شيخُنا زين الدين ☼: حمل التِّرْمِذيُّ أحاديثَ الأكل متَّكئًا على الكراهة كما بوَّب عليه، وهو قول الجمهور، وقد أكل غير واحدٍ مِنَ الصحابة والتَّابِعينَ متَّكئًا، رواه ابن أبي شَيْبَةَ في «مصنَّفه»، ثُمَّ قال: اختُلف في المراد بالاتِّكاء في حالة الأكل؛ فقيل: المراد: المتربِّع المتقعِّد كالمتهيِّئ للأكل، انتهى كلامه، وفي «التلويح»: «المتِّكئ» هنا: هو المعتمد على الوِطاء الذي تحته، وقيل: كلُّ مَنِ استوى قاعدًا على وِطاء فهو المتَّكئ؛ كأنَّه أوكَى مقعدته وَسَدَّها بالقُعود على الوِطاء الذي تحته، وقيل: الاتِّكاء: هو أن يتَّكِئ على أحد جانبيه، وهو فعل المتجبِّرين.
          و(المتَّكِئ) أصله (الموتَكِئ) قُلِبَت الواوُ تاءً وأُدْغِمت التاء في التاء، وهو مِن معتلِّ الفاء ومهموز اللَّام، تقول: اتَّكأ على الشيء، فهو متَّكئٌ، وأصل التاء في جميع موادِّه واوٌ.