نجاح القاري لصحيح البخاري

باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه

          ░7▒ (باب) يجوزُ فيه ما يجوزُ في الَّذي قبله. وأَغرَب محمود العيني حيث قال: وليس فيه مجال للإضافة.
          (مِنَ) شُعب (الإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ) وجه المناسبة بين البابين: أنَّ الإطعام وقراءة السَّلام لا يكون غالباً إلَّا لمحبة المُطْعم والمسلَّم عليه، وهذا الباب ذُكِرَ فيه المحبة.
          ثم إن تقديم قوله: ((من الإيمان))، على قوله: ((أن يحب)) إلى آخره. بخلاف إخوانه حيث قال: إطعامُ الطَّعام من الإيمان ويقول حب الرسول من الإيمان؛ إمَّا للاهتمام بذكرهِ، وإمَّا للحصر فكأنَّه قال: المحبَّة المذكورة ليست إلَّا من الإيمان؛ تعظيماً لهذه المحبَّة وتحريضاً عليها، كذا قال الكرمانيُّ.
          وتعقَّبه العسقلاني وقال: هو توجيهٌ حسنٌ إلَّا أنَّه يَرِدُ عليه أنَّ الذي بعده أَلْيَقُ بالاهتمام والحصر، وهو قوله: باب حب الرَّسول / من الإيمان؛ فالظاهر: أنَّه أراد التَّنويع في العبارة، ويمكن أنَّه اهتم بذكر حب الرَّسول فقدَّمه.
          هذا وقال محمود العيني: الَّذي ذكره العسقلاني لا يَرِد على الكرماني، وإنَّما يَرِد على البخاري حيث لم يقل: باب من الإيمان حب الرَّسول. ولكن يمكن أن يُجابَ عنه: بأنه إنما قدَّم حب الرَّسول؛ إما اهتماماً بذكره، وإمَّا استلذاذاً باسمه مُقدَّماً، أو لأنَّ محبَّته هي عين الإيمان، ولولا هو ما عُرف الإيمان هذا، فتأمل.