نجاح القاري لصحيح البخاري

باب دعاؤكم إيمانكم

          ثمَّ قال ابن عبَّاس ☻ :
          ░2▒ (دُعَاؤُكُمْ إِيمَانُكُمْ): يعني فسَّر ابن عبَّاس ☻ قوله تعالى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ} [الفرقان:77] فقال: المراد بالدُّعاء الإيمان؛ فمعنى دعاؤكم إيمانكم، فسُمِّيَ الدعاء إيماناً، والدعاء عمل، فاحتج به على أن الإيمان عمل، وعطفه على ما قبله كعادته في حذف أداة العطف حيث ينقل التفسير.
          وهذا التعليق وصله ابن جرير من قول ابن عباس ☻ قال في قوله تعالى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ} [الفرقان:77] يقول: لولا إيمانكم.
          أخبر الله الكفار أنه لا يَعبأ بهم، ولولا إيمان المؤمنين لم يَعبأ بهم أيضاً.
          هذا وقال غيره: الدعاء هنا مصدر مضاف إلى المفعول، والمراد دعاء الرسل الخَلق إلى الإيمان، فالمعنى: ليس لكم عند الله قدر إلا أن يدعوكم الرسول، فيؤمن مَن آمن، ويكفر مَن كفر، فقد كذبتم أنتم فسوف يكون العذاب لازماً لكم، وقيل: معنى الدعاء هنا الطاعة.
          ويؤيده: حديث النُّعمان بن بَشير: أنَّ ((الدُّعاء هو العبادة)) أخرجه أصحاب ((السنن)) بسند جيد.
          ثم اعلم: أنه قال النووي: يقع في كثيرٍ من نسخ البخاري هنا: باب، وهو غلطٌ فاحش، والصَّواب: حذفه، ولا يصح إدخاله هنا، إذ لا تعلُّق له بما نحن فيه، ولأنه ترجم أولاً لقوله ◙: ((بُني الإسلام)) ولم يذكُرْه قبل هذا، وإنما ذَكَره بعده، ولأنه ذَكرَ الحديث بعده، وليس هو مطابقاً للترجمة.
          وقال الكرماني: وعندنا نسخة مسموعة على الفَربري، وعليها خطه، وهو هكذا: ((دعاؤكم إيمانكم)) بلا باب ولا واو.
          وقال العيني: رأيت نسخة عليها خط الشيخ قطب الدين الحلبي، وفيها: ((باب دعاؤكم إيمانكم)) وليس ذلك بجيد؛ لمِا عرفت.
          ولمَّا فرغ المؤلف عن ذكر الأدلة الدالة على أن الإيمان يزيد وينقص، شرع في ذكر الحديث المترجم به الباب فقال: