نجاح القاري لصحيح البخاري

باب من نكث بيعة

          ░50▒ (باب: مَنْ نَكَثَ بَيْعَةً) بالمثلثة؛ أي: نقضها، وفي رواية أبي ذرٍّ عن الكُشميهني: <بيعته> بزيادة الضَّمير (وَقَوْلِهِ تَعَالَى) بالجر عطفاً على ((من نكثَ))، وهكذا هو في رواية أبي ذرٍّ، وفي رواية غيره: <وقال الله تعالى>: ({إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ} [الفتح:10]) الخطاب للنَّبي صلعم ؛ يعني: بالحديبية، وكانوا ألفاً وأربعمائة ({إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ}) في «الكشاف» لمَّا قال: {إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ} أكده توكيداً على طريقة التَّخييل فقال: ({يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح:10]) يعني: عند المبايعة.
          يريد: أنَّ يد رسول الله صلعم الَّتي تعلو أيدي المبايعين هي يدُ الله، والله سبحانه منزَّهٌ عن الجوارح، وعن صفات الأجسام، وإنَّما المعنى: تقدير أنَّ عقد الميثاق مع الرَّسول كعقده مع الله من غير تفاوتٍ بينهما كقوله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء:80] انتهى.
          وفي اختصاص الفوقيَّة تتميم معنى الظُّهور، وقال أبو البقاء: {إنَّما يبايعون} [الفتح:10] خبر {إنَّ}، و{يد الله} مبتدأ، وما بعده الخبر، والجملة خبر آخر لـ((أن))، أو حال من ضمير الفاعل في {يبايعون}، أو مستأنف.
          ({فَمَنْ نَكَثَ} [الفتح:10]) أي: فمن نقض البيعة بعد العهد ولم يفِ به ({فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ}) فلا يعود ضرر نكثه إلَّا عليه ({وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ}) يقال: وفيت بالعهد وأوفيت به؛ أي: وفى في مبايعته ({فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} [الفتح:10]) / أي: الجنَّة. وفي رواية كريمة: سيقت الآية بتمامها، وفي رواية أبي زيدٍ: ساق إلى قوله: <{فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ}> ثمَّ قال: <إلى قوله: {فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً}>.