نجاح القاري لصحيح البخاري

باب الألد الخصم

          ░34▒ (باب: الأَلَدِّ الْخَصِمِ) بفتح الهمزة واللام وتشديد الدال المهملة، و((الخَصِم)): بفتح الخاء وكسر المهملة، وفسَّره المؤلِّف بقوله: (وَهْوَ الدَّائِمُ فِي الْخُصُومَةِ) أراد أنَّ خصومته لا تنقطع، أو المراد الشَّديد الخصومة، فإنَّ الخصم من صيغ المبالغة، فتحمل على الشِّدة أو الكثرة، وقال تعالى: {وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} [البقرة:204] ؛ أي: شديد الجدال، والعداوة للمسلمينَ.
          والخصام: المخاصمة والإضافة بمعنى ((في))؛ لأنَّ أفعل يضاف إلى ما هو بعضهُ، تقولُ: زيد أفضل القوم، ولا يكون الشَّخص بعض الحدث، فتقديره: ألدُّ في الخصومة، أو الخصامُ جمع خصم كصعب وصعاب، والتَّقدير: وهو أشدُّ الخصومِ خصومةً.
          ({لُدّاً} [مريم:97] عُوْجاً) بضم اللام وتشديد الدال، ((عُوْجاً)): بضم العين وسكون الواو، يريد به تفسيرَ قوله تعالى في سورة مريم: {وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدّاً} [مريم:97]. وفي رواية أبي ذرٍّ عن الكُشميهنيِّ: <أَلد> بهمزة قبل اللام المفتوحة، <أَعْوج>: بهمزة مفتوحة وسكون العين. قال ابن كثيرٍ الحافظ: أي: عوجاً عن الحقِّ، مائلون إلى الباطلِ. وقال ابن أبي نَجيح عن مجاهدٍ: لا يستقيمون، وقال الضَّحاك: الألدُّ الخصم. وقال القرطبيُّ: الألدُّ: الكذَّاب، وقال الحسن: اللدُّ: الصَّمم، وكأنَّه تفسيرٌ باللازم؛ لأنَّ من اعوجَّ عن الحقِّ كان كأنَّه لم يسمع. وعن ابن عبَّاس: فجَّاراً. وعن قتادة: جدلاً بالباطل.
          وقال أبو عبيدة في كتاب «المجاز» في قوله: {قَوْماً لُدّاً} واحدهم: ألدُّ، وهو الَّذي يدَّعي الباطل، ولا يقبل الحقَّ.