نجاح القاري لصحيح البخاري

باب القضاء والفتيا في الطريق

          ░10▒ (باب) جواز (الْقَضَاءِ وَالْفُتْيَا) بضمّ الفاء، يقال: استفتيت القضيَّة فأفتاني، والاسم: الفُتيا والفَتوى (فِي الطَّرِيقِ) أي: حال كونهما في الطَّريق (وَقَضَى يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ) بفتح التّحتيّة والميم وسكون المهملة وبالرّاء، هو التَّابعيّ الجليل المشهور، وكان من أهل البصرة، وانتقل إلى مرو بأمر الحَجَّاج، فولي قضاء مرو لقتيبة بن مسلمٍ، وكان من أهل الفصاحة والوَرع. قال الحاكم: قضى في أكثر مدن خُراسان، وكان إذا تحوَّل إلى بلدٍ استخلف في الَّتي انتقل منها.
          (فِي الطَّرِيقِ) وفي «التّوضيح» يَحيى بن يَعمر قضى في الطَّريق لعلَّه فيما كان فيه نصٌّ أو مسألةٍ لا تحتاج إلى رأي، دون ما غَمُضَ. ووصل هذا محمّد بن سعدٍ في «الطبقات» عن شبابة، عن موسى بن يسارٍ، قال: رأيت يحيى بن يَعمَر على القضاء بمرٍو، فربَّما رأيته يقضي في السُّوق وفي الطَّريق، وربَّما جاءه الخصمان وهو على حمارٍ، فيقضي بينهما.
          وأخرج البخاريُّ في «التَّاريخ» من طريق حميد بن أبي حكيمٍ: أنَّه رأى يحيى بن يَعمَر يقضي في الطَّريق.
          (وَقَضَى الشَّعْبِيُّ) بفتح المعجمة وسكون المهملة وبالموحّدة المكسورة، عامر بن شَراحيل بن عبد الله أبو عَمرو، نسبةً إلى شَعْبٍ من هَمْدان، مات في أوَّل سنة ستٍّ ومائة، وهو ابن سبعٍ وسبعين سنةً. وقال منصور بن عبد الرَّحمن العَدنيُّ، عن الشَّعبيّ: أدركت خمسمائةٍ من أصحاب رسول الله صلعم يقولون: عليٌّ وطلحة والزُّبير في الجنَّة.
          وروى عنه جماعةٌ كثيرون منهم الإمام أبو حنيفة ☼ .
          (عَلَى بَابِ دَارِهِ) أي: حال كونه على بابِ داره. وقال ابن سعدٍ في «الطبقات»: أخبرنا أبو نعيمٍ: حدثنا أبو إسرائيل: رأيت الشَّعبي يقضي عند باب الفيل بالكوفة. وأخرج الكرابيسيُّ في «القضاء» من وجهٍ آخر عن الشَّعبي: أنَّ عليًّا ☺ قضى في السُّوق.