نجاح القاري لصحيح البخاري

باب من حكم في المسجد حتى إذا أتى على حد أمر أن يخرج

          ░19▒ (باب مَنْ حَكَمَ فِي الْمَسْجِدِ) أي: إذا كان الحكمُ فيه جاز (حَتَّى إِذَا أَتَى عَلَى حَدٍّ) من الحدود (أَمَرَ أَنْ يُخْرَجَ) من استحقَّ الحدَّ (مِنَ الْمَسْجِدِ) إلى خارجه (فَيُقَامَ) عليه الحدُّ ثمة خوف تأذِّي من بالمسجد، وتعظيماً للمسجد.
          وقال الحافظ العسقلانيُّ: كأنَّه يشيرُ بهذه التَّرجمة إلى من خصَّ جواز الحكم في المسجد بما إذا لم يكن هناك شيءٌ يتأذَّى به مَن في المسجد، أو يقع به نقصٌ للمسجد كالتَّلويث. انتهى.
          واختلف العلماء في إقامة الحدود في المسجد: فرُوي عن عمر وعليٍّ ☻ منع ذلك، كما يجيء الآن، وهو قول مسروقٍ والشَّعبيّ وعكرمةَ والكوفيِّينَ والشَّافعيِّ وأحمدَ وإسحاقَ.
          وروي عن الشَّعبيّ: أنَّه أقام على رجلٍ من أهل الذِّمَّة حدًّا في المسجد، وهو قول ابنِ أبي ليلى.
          وروي عن مالك: الرُّخصة في الضَّرب بالأسواط اليسيرةِ في المسجد، فإذا كثرتِ الحدود، فلا تقام فيه، وهو قول أبي ثورٍ أيضاً.
          وقال ابن المنذر: ولا ألزم من أقام الحدَّ في المسجد مأثماً؛ لأنِّي لا أجد دليلاً عليه.
          وفي «التّوضيح»: وأمَّا الأحاديث الَّتي فيها النَّهي عن إقامة الحدود في المسجد، فضعيفةٌ.
          (وَقَالَ عُمَرُ) أي: ابن الخطَّاب ☺ (أَخْرِجَاهُ) أي: الَّذي وجب عليه الحدُّ (مِنَ الْمَسْجِدِ) زاد أبو ذرٍّ: <وضربه> أي: أمر بضربهِ. وصله ابن أبي شيبة، وعبد الرَّزَّاق كلاهما من طريق طارق بن شهابٍ، قال: أُتي عمر بن الخطَّاب ☺ برجلٍ في حدٍّ، فقال: أخرجاه من المسجد، ثمَّ اضرباه، وسنده على شرط الشَّيخين.
          (وَيُذْكَرُ) بضمّ أوّله وفتح الكاف، بصيغة التَّمريض (عَنْ عَلِيٍّ) هو: ابنُ أبي طالبٍ ☺ (نَحْوُهُ) أي: نحو ما ذكر عن عمرَ ☺. وصله ابنُ أبي شيبة من طريق ابن معْقِل _بسكون العين المهملة وكسر القاف_: أنَّ رجلاً جاء إلى عليٍّ فسارّه، فقال: يا قنبر، أخرجه من المسجد، فأقم عليه الحدَّ. وفي سنده مَن فيه مقالٌ، فلذلك ذكر بصيغة التَّمريض.
          وفي «التّوضيح»: كما فعل عمر ☺ فعل عليٌّ ☺ بالسَّارق الَّذي قدم إليه، فقال: يا قنبر، أخرجه من المسجد فاقطع يدَه.