نجاح القاري لصحيح البخاري

باب إجابة الحاكم الدعوة

          ░23▒ (بابُ إِجَابَةِ الْحَاكِمِ الدَّعْوَةَ) بفتح الدال؛ أي: الوليمةُ، وهي الطَّعام الَّذي يعمل في العُرس، وبالكسر في النَّسب. وادَّعى ابن بطَّالٍ: الاتِّفاق على وجوب إجابة دعوة الوليمة، واختلافهم في غيرها، ونظرُوا فيه، والأصل عموم الخبر، وقد ورد الوعيدُ في التَّرك من قوله: ((ومَن لم يجب الدَّعوة، فقد عصى الله ورسوله)). وقال العلماءُ: لا يجيب الحاكم دعوة شخصٍ بعينه دون غيره من الرَّعيَّة؛ لِمَا في ذلك من كسر قلب من لم يُجبه، إلَّا إن كان له عذرٌ في ترك الإجابة، كرؤية المنكر الَّذي لا يُجاب لإزالته، فلو كثُرت بحيث يشغله عن الحُكم الَّذي تعيَّن عليه ساغ له أن لا يجيب.
          (وَقَدْ أَجَابَ عُثْمَانُ بن عفان) ☺، وسقط ((ابن عفَّان)) في رواية غير أبي ذرٍّ (عَبْداً) لم يسمَّ (لِلْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ) هذا يوضِّح معنى التَّرجمة، فإنَّه لم يذكر فيها الحكم، وإجابة عثمان لعبدِ المغيرة / دليلُ الوجوب، وظاهر الأمر أيضاً في قوله صلعم : ((أجيبوا الدَّاعي)) [خ¦7173] ولكن لإيجابِ الإجابة شرائط مذكورةٌ في الفروع الفقهيَّة.
          وقال ابن بطَّالٍ عن مالك: لا ينبغي للقاضي أن يجيبَ الدَّعوة إلَّا في الوليمة خاصَّةً، ثمَّ إن شاء أكلَ، وإن شاء تركَ، فالتَّرك أحبُّ إلينا؛ لأنَّه أنزه، إلَّا أن يكون لأخٍ في الله، أو خالص قرابة أو مودَّة. وكره مالك لأهل الفضل أن يُجيبوا كلَّ من دعاهم. انتهى.
          وهذا الأثرُ وصله أبو محمد بن صاعدٍ في «فوائده» بسندٍ صحيحٍ إلى أبي عثمان النَّهدي: أنَّ عثمان بن عفَّان ☺ أجابَ عبداً للمغيرة بن شُعبة دعاه وهو صائمٌ، فقال: أردت أن أُجيب الدَّاعي وأدعو بالبركة.