نجاح القاري لصحيح البخاري

باب: هل يجوز للحاكم أن يبعث رجلًا وحده للنظر في الأمور؟

          ░39▒ (باب: هَلْ يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَبْعَثَ رَجُلاً وَحْدَهُ لِلنَّظَرِ) أي: لأجل النَّظر، وفي رواية أبي ذرٍّ عن المستملي والكُشميهني: <لينظر> (فِي الأُمُورِ) أي: المتعلِّقة بالمسلمين. وجواب الاستفهام محذوف لم يذكره اكتفاءً بما يوضِّح ذلك في حديث الباب، وفيه خلافٌ، فعند محمد بن الحسن: لا يجوز للقاضي أن يقول: أقرَّ عندي فلانٌ بكذا لا يقضِي به عليه مِن قتلٍ أو مالٍ أو عتقٍ أو طلاقٍ حتَّى يشهدَ معه غيره على ذلك.
          وأجاب عن حديث الباب: أنَّه خاصٌّ بالنَّبي صلعم ، قال: وينبغي أن يكون في مجلس القاضي أبداً عدلان يسمعان من يقرُّ، ويشهدان على ذلك، فينفذُ الحكم بشهادتهما. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: إذا أقرَّ رجلٌ عند القاضي بأيِّ شيءٍ كان وسعه أن يحكمَ به، وقال ابنُ القاسم على مذهب مالكٍ: إن كان القاضي عدلاً وحكم به ينفذ. وبه قال الشَّافعي: وقال ابنُ القاسم: وإن لم يكن عدلاً لم يقبل قوله، وقال المهلَّب: في هذا الحديث حجَّة لمالك في جواز إنفاذِ الحاكم رجلاً واحداً يثقُ به، يكشف له عن حال الشُّهود في السِّر، كما يجوز قبول الفردِ فيما طريقه الخبر لا الشَّهادة.
          قال: وقد استدلَّ به قومٌ في جواز تنفيذِ الحكم / دون إعذار إلى المحكوم عليه، قال: وهذا ليس بشيءٍ؛ لأنَّ الإعذار يشرط فيما كان الحكم فيه بالبينة لا ما كان بالإقرار، كما في هذه القصَّة؛ لقوله صلعم : ((فإن اعترفت)).