نجاح القاري لصحيح البخاري

باب: السن بالسن

          ░19▒ (باب: السِّنِّ بِالسِّنِّ) أي: السِّنُّ تُقْلَعُ في مقابلة السِّنِّ، قال ابن بطَّال: أجمعوا على قَلْعِ السِّنِّ بالسِّنِّ في العَمْد، واختلفوا في سائر عظام الجسد، فقال مالك: فيها القود إلَّا ما كان مخوفًا، أو كان كالمأمومة والمثقلة والهاشمة ففيها الدِّية، واحتجَّ بالآية.
          ووجه الدَّلالة منها أنَّ شرعَ من قَبلنا شرعٌ لنا إذا وردَ على لسان نبيِّنا صلعم بغير إنكارٍ، وقد دلَّ قولُه: ((والسِّنُّ بالسِّنِّ)) على إجراء القصاص في العظم؛ لأنَّ السِّنَّ عظم إلَّا ما أجمعوا أنَّ لا قصاص فيه إمَّا لخوف ذهاب النَّفس، وإمَّا لعدم الاقتدار على المماثلة فيه.
          وقال الشَّافعي واللَّيث والحنفيَّة: لا قصاص في العظم غير السِّنِّ؛ لأنَّ دون العظم حَائِلًا من جِلْدٍ ولَحْمٍ وعَصَب يَتَعَذَّر معه المُمَاثَلَةُ، فلو أَمْكَنَتْ لَحَكَمْنَا بالقصاص، ولكن لا يصل إلى العظم حتَّى ينال ما دونه ممَّا لا يُعْرَفُ قَدْرُه. وقال الطَّحَّاوي: اتَّفقوا على أنَّه لا قصاصَ في عَظْمِ الرَّأس، فيلحق بها سائر العظام.
          وتعقَّب الحافظ العسقلاني: بأنَّه قياسٌ مع وجود النَّصِّ، فإنَّ في حديث الباب أنَّها كَسَرَتِ الثَنِيَّةَ فأُمِرَتْ بالقِصَاص مع أنَّ الكَسْرَ لا تَطَّرِدُ فيه المماثلةُ.
          وقال العيني: لا يرد ما ذكره؛ لأنَّ مراده من قوله: سائر العظام، هي الَّتي لا يتحقَّق فيها المماثلة.