إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: صلوا صلاة كذا في حين كذا وصلوا كذا في حين كذا

          4302- وبه قال: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ) الواشحِيُّ قال: (حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ) أي: ابن درهَمٍ (عَنْ أَيُّوبَ) السَّخْتِيَانِيِّ (عَنْ أَبِي قِلَابَةَ) عبدِ الله بنِ زيدٍ الجَرْمِيِّ (عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلِمَةَ) بفتح العين وكسر / اللام، ابنِ قيسٍ، وقيل: ابنِ نُفَيْعٍ الجَرْمِيِّ، اختلف في صحبته (قَالَ) أيُّوب: (قَالَ لِي أَبُو قِلَابَةَ: أَلَا) بالتخفيف (تَلْقَاهُ) أي: ألا تلقى عَمرو بنَ سَلِمةَ (فَتَسْأَلَهُ؟ قَالَ) أبو قِلابة: (فَلَقِيتُهُ) أي: عَمرو بن سَلِمة (فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ) عَمرو بن سَلِمة: (كُنَّا بِمَاءٍ) أي: بموضعٍ ننزلُ بهِ (مَمَرِّ النَّاسِ) بتشديد الراء مجرورة صفة لـ «ماء»(1)، وفي «اليونينية»: بفتح الراء، أي: موضعُ مرورهم (وَكَانَ يَمُرُّ بِنَا الرُّكْبَانُ فَنَسْأَلُهُمْ مَا لِلنَّاسِ؟ مَا لِلنَّاسِ؟) بالتِّكرار مرَّتين (مَا هَذَا الرَّجُلُ؟) أي: يسألونَ عن النَّبيِّ صلعم وعن حال العربِ معه (فَيَقُولُونَ: يَزْعُمُ أَنَّ اللهَ أَرْسَلَهُ أَوْحَى إِلَيْهِ، أَوْ أَوْحَى اللهُ) وسقط لفظ «أو» لأبي ذرٍّ (بِكَذَا) في «اليونينية» وفرعها مشطوبٌ على الباء بالحمرةِ شطبتين، أي: وفوقها علامة أبي ذرٍّ، أي: أنَّ الباء ساقطةٌ في روايته، والشَّكُّ من الرَّاوي، يريد حكاية ما كانوا يخبرونهم به ممَّا سمِعوهُ من القرآن، وفي «مستخرج أبي نعيم» فيقولون: نبيٌّ يزعمُ أنَّ الله أرسله، وأنَّ الله أوحى إليه كذا وكذا (فَكُنْتُ أَحْفَظُ ذَلِكَ) ولأبي ذرٍّ ”ذاك“ (الكَلَامَ) ولأبي داود «وكنتُ غُلامًا حافظًا(2) فحفظتُ من ذلك قرآنًا كثيرًا» (وَكَأَنَّمَا) بالواو، ولأبي ذرٍّ ”فكأنَّما“ (يُغْرَى) بضم التحتية وسكون‼ الغين المعجمة وفتح الراء، كذا في الفَرْع مصحَّحًا عليه من التَّغريةِ، أي: كأنَّما يلصقُ (فِي صَدْرِي) ونسبها في «فتح الباري» للإسماعيليِّ، لكنَّه قال: بتشديد الراء. قال: ورجَّحها عياضٌ، ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ: ”يقَرُّ“ بقاف مفتوحة وراء مشددة، من القرارِ. قال في «الفتح»: وفي رواية عن الكُشمِيهنيِّ: ”يُقرى“ بزيادة ألف مقصورة من التَّقرية، أي: يجمع، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي _ونسبها في «الفتح» للأكثر_: ”يقْرأُ“ بسكون القاف آخره همزة مضمومة، من القراءةِ (وَكَانَتِ العَرَبُ تَلَوَّمُ) بفتح اللام والواو المشددة، وأصله: بتاءين، فحذفت إحداهما تخفيفًا، أي: تنتظرُ وتتربَّصُ (بِإِسْلَامِهِمِ الفَتْحَ) أي: فتح مكَّة (فَيَقُولُونَ: اتْرُكُوهُ وَقَوْمَهُ) قريشًا (فَإِنَّهُ إِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَهْوَ نَبِيٌّ صَادِقٌ، فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ أَهْلِ الفَتْحِ بَادَرَ) أي: أسرع (كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلَامِهِمْ، وَبَدَرَ) أي: أسرع (أَبِي قَوْمِي بِإِسْلَامِهِمْ، فَلَمَّا قَدِمَ) أبي (قَالَ: جِئْتُكُمْ _وَاللهِ_ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صلعم حَقًّا، فَقَالَ) ╕ لهم: (صَلُّوا صَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، وَصَلُّوا كَذَا) ولأبي ذرٍّ: ”وصلُّوا صَلاةَ كَذَا“ (فِي حِينِ كَذَا، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا) ولأبي داود: أنَّهم(3) قالوا: يا رسول الله، من يؤمُّنا؟ قال: «أكثركُم جَمعًا للقرآنِ» (فَنَظَرُوا) في الحيِّ (فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنِّي، لِمَا كُنْتُ أَتَلَقَّى) منَ القرآن (مِنَ الرُّكْبَانِ، فَقَدَّمُونِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) أصلِّي بهم (وَأَنَا ابْنُ سِتٍّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ، وَكَانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ) شملةٌ مخطَّطةٌ أو كساءٌ أسود مربَّعٌ (كُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ) بقاف ولام مشددة وصاد مهملة، أي: انجمعَتْ وتكشَّفَت (عَنِّي، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الحَيِّ: أَلَا تُغَطُّوا) بحذف النون في الفَرْع كأصله في حالةِ الرَّفع. قال ابنُ مالكٍ: إنَّه ثابتٌ في الكلام الفصيحِ نثره ونظمه، ولأبي ذرٍّ ”ألا تُغَطُّونَ“ (عَنَّا اسْتَ قَارِئِكُمْ) أي: عجزهُ (فَاشْتَرَوْا) زاد أبو داود «لي قميصًا عُمَانيًا» _بضم العين مخففًا_ نسبةً إلى عُمَان من البحرين (فَقَطَعُوا لِي قَمِيصًا، فَمَا فَرِحْتُ بِشَيْءٍ فَرَحِي بِذَلِكَ القَمِيصِ) وبهذا تمسَّكَ(4) الشَّافعيَّةُ في إمامةِ الصَّبيِّ المميِّزِ في الفريضةِ، ولا يستدلُّ به على عدم شرطِ ستر العورة في الصَّلاة؛ لأنَّها واقعةُ حالٍ، فيحتملُ أن يكون ذلك قبل علمِهم بالحكمِ.


[1] «صفة لماء»: ليست في (م) و(ص).
[2] قوله: «حافظًا» سقط من الأصل، وهو مثبت من أبي داود و«الفتح».
[3] «أنهم»: ليست في (ب).
[4] في (ص): «تمسكت».