إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أغمي على عبد الله بن رواحة فجعلت أخته عمرة تبكي

          4267- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالتَّوحيد (عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ) البَصريُّ يقال له: صاحبُ الأَدِيم قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ) أي: ابن غزوانَ الضَّبِّيُّ مولاهم الحافظُ (عَنْ حُصَيْنٍ) بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين، ابنِ عبدِ الرَّحمن (عَنْ عَامِرٍ) الشَّعبيِّ بن شراحيل (عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ) الخزرجيِّ، ولد قبل وفاتهِ صلعم بثمان سنين وسبعة(1) أشهرٍ، وقتلَ بحمص سنة خمس وستين ( ☻ ) أنَّه (قَالَ: أُغْمِيَ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ) الأنصاريِّ الخزرجيِّ الشَّاعر، أحدِ السَّابقين ☺ بسببِ مرضٍ حصلَ له (فَجَعَلَتْ أُخْتُهُ عَمْرَةُ) والدة النُّعمان بن بشير راوي هذا الحديث (تَبْكِي) عليه وتقول: (وَاجَبَلَاهْ) بالجيم والموحدة واللام، والواو فيه للنُّدْبةِ والهاء للسَّكت، وزاد ابن سعدٍ من مرسل الحسن: «واعزَّاهْ»، وفي «مستخرج أبي نُعيم»: «واعَضُدَاهْ» (وَاكَذَا وَاكَذَا) مرتين (تُعَدِّدُ عَلَيْهِ) أي: تذكُر محاسنَه، وذلك غيرُ جائزٍ (فَقَالَ) عبدُ الله (حِينَ أَفَاقَ) من الإغماءِ لأختهِ عمرةَ: (مَا قُلْتِ شَيْئًا) ممَّا سبق (إِلَّا قِيلَ لِي: آنْتَ كَذَلِكَ؟!) استفهامٌ على سبيلِ الإنكارِ، ولأبي ذرٍّ وابن عساكرٍ ”آنْتَ كذَاكَ“ بإسقاط اللام، وفي مرسل أبي عمرانَ الجَونِيِّ عند ابنِ سعدٍ: أنَّ رسول الله صلعم عاده، فأُغمي عليه، فقال: «اللَّهمَّ إن كانَ أجلُهُ‼ قدْ حضَرَ فيسِّرْ عليه، وإلَّا فاشْفِهِ» قال: فوجدَ خفَّةً، فقال: كان ملَكٌ قد رفعَ مِرْزَبَّةً من حديدٍ يقول: آنت كذا؟! فلو قلتُ: نعم، لَقَمَعَني بها(2)، وعندَ أبي نُعيم: «فنهاها عن البكاءِ عليه».
          4268- وبه قال: (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ) بنُ سعيدٍ قال: (حَدَّثَنَا عَبْثَرُ) بفتح العين وسكون الموحدة وفتح المثلثة بعدها راء، ابنُ القاسمِ الكوفيُّ (عَنْ حُصَيْنٍ) بضم الحاء، ابنِ عبدِ الرَّحمنِ (عَنِ الشَّعْبِيِّ) عامرِ بنِ شراحِيلَ (عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ) ☺ أنَّه (قَالَ: أُغْمِيَ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ بِهَذَا) أي: بما ذكرَ في الحديثِ السَّابق من قوله: «فجعلت أخته عمرة تبكي...» إلى آخره، وسقط لأبي ذرٍّ وابن عساكرٍ لفظ «ابنُ رواحَةَ» (فَلَمَّا مَاتَ) في غزوةِ موتةَ وبلغها خبرُه (لَمْ تَبْكِ عَلَيْهِ) لنهيهِ إيَّاها عن ذلك في مرضهِ الذي أغميَ عليه فيه ولم يمُتْ منه، وبهذا يتَّضحُ وجهُ إدخالِ الحديث الذي قبلَ هذا في البابِ، كما لا يخفى.


[1] في (م): «تسعة».
[2] «بها»: ليست في (ب).