إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أن القاسم كان يمشي بين يدي الجنازة ولا يقوم لها

          3837- وبه قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ) أبو سعيدٍ الجعفيُّ نزيل مصر وتُوفِّي بها _فيما قاله المنذريُّ_ سنة تسعٍ / وثلاثين ومئتين (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (ابْنُ وَهْبٍ) عبد الله المصريُّ (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد(1) (عَمْرٌو) _بفتح العين_ ابن الحارث المصريُّ (أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ القَاسِمِ) بن(2) محمَّد بن أبي بكرٍ الصِّدِّيق ☺ (حَدَّثَهُ: أَنَّ) أباه (القَاسِمَ كَانَ يَمْشِي بَيْنَ يَدَي الجَنَازَةِ) وهو أفضل عند الشَّافعيَّة، وعند الحنفيَّة وراءها أفضل لأنَّها متبوعةٌ (وَلَا يَقُومُ لَهَا) إذا مرَّت عليه (وَيُخْبِرُ عَنْ عَائِشَةَ) ♦ أنَّها (قَالَتْ: كَانَ أَهْلُ الجَاهِلِيَّةِ يَقُومُونَ لَهَا، يَقُولُونَ إِذَا رَأَوْهَا: كُنْتِ فِي أَهْلِكِ مَا) أي: الذي (أَنْتِ) فيه كنت في الحياة مثله، إن خيرًا فخيرٌ، وإن شرًّا فشرٌّ، وذلك فيما يدعونه من أنَّ روح الإنسان تصير طائرًا مثله، وهو المشهور عندهم بالصَّدى والهام، وحينئذٍ فـ «ما» موصولٌ، وبعض صلته محذوفٌ، يقولون ذلك (مَرَّتَيْنِ) أو المعنى: كنت في أهلك شريفًا مثلًا، فأيُّ شيءٍ أنت الآن؟ فـ «ما» حينئذٍ استفهاميَّةٌ، أو «ما» نافيةٌ، ولفظ: «مرَّتين» من تتمَّة المقول، أي: كنت مرَّةً في القوم ولست بكائنٍ فيهم مرَّةً أخرى؛ كما هو مُعتقَد الكفَّار حيث قالوا: {مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا}[الجاثية:24] وفي قول عائشة ♦ : «كان أهل الجاهليَّة» ما يدلُّ ظاهره أنَّه لم يبلغها أمره ╕ بالقيام للجنازة، فرأت أنَّ ذلك من شأن الجاهليَّة وقد جاء الإسلام بمخالفتهم، وقد ذهب الشَّافعيُّ ☼ إلى أنَّه غير واجبٍ، وأنَّ الأمر به منسوخٌ، وهل يبقى الاستحباب؟ قال: والقعود أحبُّ إليَّ، وبكراهة القيام صرَّح النَّووي ☼ ، ومبحث ذلك مرَّ في «الجنائز» [خ¦1307].


[1] قوله: «ابْنُ وَهْبٍ عبد الله المصريُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي بالإفراد» سقط من (م).
[2] «بن»: سقط من (ص) و(م).