إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يا رسول الله هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام

          3820- وبه قال: (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ) أبو رجاءٍ البلخيُّ قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ) بضمِّ الفاء وفتح المُعجَمة / ، ابن غزوان الضَّبِّيُّ مولاهم الحافظ (عَنْ عُمَارَةَ) بضمِّ العين وتخفيف الميم، ابن القعقاع (عَنْ أَبِي زُرْعَةَ) هَرِمٍ، أو عبد الله بن عمرو بن جريرٍ البجليِّ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ ) أنَّه (قَالَ: أَتَى جِبْرِيلُ) ◙ (النَّبِيَّ صلعم ) عند الطَّبرانيِّ في رواية سعيد بن كثيرٍ: أنَّ ذلك كان وهو بحِرَاء (فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ) أي: إليك (مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ) بكسر الهمزة (أَوْ) قال: (طَعَامٌ) في رواية الطَّبرانيِّ المذكورة: أنَّه كان حيسًا (أَوْ) قال: (شَرَابٌ)‼ والشَّكُّ من الرَّاوي (فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ؛ فَاقْرَأْ) بهمزة وصلٍ وفتح الرَّاء (عَلَيْهَا السَّلَامَ مِنْ رَبِّهَا) جلَّ وعلا (وَمِنِّي) وهذا _لعمر الله_ خاصَّةٌ لم تكن لسواها، زاد الطَّبرانيُّ في روايته المذكورة: «فقالت: هو السَّلام ومنه السَّلام وعلى جبريل السَّلام»، وزاد النَّسائيُّ من حديث أنسٍ: «وعليك يا رسول الله السَّلام ورحمة الله وبركاته»، فجعلت مكان ردِّ السَّلام على الله الثَّناء عليه تعالى، ثمَّ غايرت بين ما يليق بالله وما يليق بغيره، وهذا يدلُّ على وفور فقهها كما لا يخفى (وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ) وقد أبدى السُّهيليُّ لنفي هاتين الصِّفتين حكمةً لطيفةً، فقال: لأنَّه صلعم لمَّا دعا إلى الإيمان أجابت خديجة ♦ طوعًا، فلم تحوجه إلى رفع الصَّوت من غير منازعةٍ ولا تعبٍ، بل أزالت عنه كلَّ تعبٍ وآنسته من كلِّ وحشةٍ وهوَّنت عليه كلَّ عسيرٍ، فناسب أن يكون منزلها الذي بشَّرها به ربُّها بالصِّفة المقابلة لفعلها وصورة حالها ♦ ، ومن خواصِّها ♦ أنَّها لم تَسُؤْهُ قطُّ ولم تغاضبه، وهذا الحديث من المراسيل؛ لأنَّ أبا هريرة ☺ لم يدرك خديجة وأيَّامها.