إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: ما غرت على أحد من نساء النبي ما غرت على خديجة

          3818- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَنٍ) بضمِّ العين في الأوَّل، وفتح الحاء في الثَّالث، المعروف بابن التَّلِّ _بفتح المُثنَّاة الفوقيَّة وتشديد اللَّام_ الأسديُّ الكوفيُّ، المُتوفَّى في شوَّالٍ سنة خمسين(1) ومئتين قال: (حَدَّثَنَا أَبِي) محمَّد بن حسن بن الزُّبير الكوفيُّ قال: (حَدَّثَنَا حَفْصٌ) هو ابن غياثٍ النَّخعيُّ الكوفيُّ قاضيها (عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ) عروة بن الزُّبير (عَنْ عَائِشَةَ ♦ ) أنَّها (قَالَتْ: مَا غِرْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صلعم مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، وَمَا رَأَيْتُهَا) وقد كانت رؤيتها لها ممكنةً، لأنَّه كان لها عند موتها ستُّ سنين، فيحتمل النَّفي بقيد اجتماعهما عنده صلعم (وَلَكِنْ) سبب الغيرة (كَانَ النَّبِيُّ صلعم يُكْثِرُ ذِكْرَهَا) ومن أحبَّ شيئًا أَكْثَرَ مِنْ ذكرِه (وَرُبَّمَا ذَبَحَ) ╕ ‼ (الشَّاةَ، ثُمَّ يُقَطِّعُهَا أَعْضَاءً، ثُمَّ يَبْعَثُهَا فِي صَدَائِقِ خَدِيجَةَ، فَرُبَّمَا قُلْتُ لَهُ: كَأَنَّهُ) بهاءٍ بعد النُّون المُشدَّدة، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْميهَنيِّ ”كأنْ“ (لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا إِلَّا خَدِيجَةُ) وفي غير الفرع وأصله: ”لم يكن في الدُّنيا امرأةٌ إلَّا خديجة“ فذكر المُستثنَى منه (فَيَقُولُ) ╕ : (إِنَّهَا كَانَتْ وَكَانَتْ) كرَّر مرَّتين ولم يُرِد به التَّثنية، ولكن ليتعلَّق بالتَّكرير كلَّ مرَّةٍ من خصائلها ما يدلُّ على فضلها؛ كقوله تعالى: {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا}[الكهف:82] ولم يذكر هنا متعلَّقه للشُّهرة؛ تفخيمًا، وقُدِّر(2) بنحو: كانت فاضلةً وكانت عاقلةً (وَكَانَ لِي مِنْهَا وَلَدٌ) وعند أحمد من طريق مسروقٍ عن عائشة ♦ : «آمنت بي إذ كفر بي النَّاس، وصدَّقتني إذ كذَّبني النَّاس، وواستني بمالها إذ حرمني النَّاس، ورزقني الله ولدها إذ حرمني أولاد النِّساء...» الحديث، وقد كان جميع أولاده ╕ منها إلَّا إبراهيم ◙ فإنَّه من مارية القبطيَّة.
          وهذا الحديث أخرجه مسلمٌ في «الفضائل»، والتِّرمذيُّ في «البرِّ».


[1] في (ب): «خمسٍ»، ولعلَّه تحريفٌ.
[2] في (م): «وقدَّروه»، وفي غير (س): «وقدَّره».