إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لما كان يوم أحد هزم المشركون فصاح إبليس

          3290- وبه قال: (حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى) أبو السُّكَين الطَّائيُّ قال: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ) حمَّاد بن أسامة (قَالَ هِشَامٌ أَخْبَرَنَا عَنْ أَبِيهِ) عروة بن الزُّبير (عَنْ عَائِشَةَ ♦ ) أنَّها (قَالَتْ: لَمَّا كَانَ يَوْمَ) وقعة (أُحُدٍ هُزِمَ المُشْرِكُونَ، فَصَاحَ إِبْلِيسُ: أَيْ عِبَادَ اللهِ) يريد: المسلمين (أُخْرَاكُمْ) أي: احذروا(1) الَّذين من ورائكم متأخِّرين عنكم، أو اقتلوهم، ومراده _عليه اللَّعنة_ تغليطهم ليقاتل المسلمون بعضهم بعضًا (فَرَجَعَتْ أُولَاهُمْ) قاصدين لقتال أخراهم، ظانِّين أنَّهم من المشركين (فَاجْتَلَدَتْ) _بالجيم_ فاقتتلت (هِيَ وَأُخْرَاهُمْ، فَنَظَرَ حُذَيْفَةُ فَإِذَا هُو بِأَبِيهِ اليَمَانِ) بتخفيف الميم من غير ياءٍ بعد النُّون؛ يقتله المسلمون يظنُّونه من المشركين (فَقَالَ: أَيْ عِبَادَ اللهِ) هذا (أَبِي) هذا (أَبِي) / لا تقتلوه، وسقط لفظ الجلالة، أي: من «عباد الله» لغير أبي ذرٍّ كما في الفرع وأصله (فَوَاللهِ مَا احْتَجَزُوا) بالحاء السَّاكنة والفوقيَّة والجيم المفتوحتين والزَّاي المضمومة، ما انفصلوا عنه (حَتَّى قَتَلُوهُ. فَقَالَ حُذَيْفَةُ: غَفَرَ اللهُ لَكُمْ) عذرهم لكونهم قتلوه وهم يظنُّونه من الكافرين (قَالَ عُرْوَةُ) بن الزُّبير: (فَمَا زَالَتْ فِي حُذَيْفَةَ مِنْهُ بَقِيَّةُ خَيْرٍ) دعاءٌ واستغفارٌ لقاتل أبيه (حَتَّى لَحِقَ بِاللهِ) ╡، وعند ابن(2) إسحاق: فقال حذيفة: قتلتم أبي؟ قالوا‼: والله ما عرفناه، وصَدَقوا. فقال حذيفة: يغفر الله لكم، فأراد رسول الله صلعم أن يَدِيَهُ فتصدَّق حذيفة بدمه(3) على المسلمين، فزاده ذلك عند رسول الله صلعم خيرًا.
          وهذا الحديث أخرجه أيضًا في «المغازي» [خ¦4065] و«الدِّيات» [خ¦6890].


[1] في (م): «يأخذوا» وهو تحريفٌ.
[2] في (ب) و(م): «أبي» والمثبت موافقٌ لما في «الفتح» (7/420).
[3] في (م): «بديته».