إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: استغفروا لأخيكم

          1327- 1328- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ) بضمِّ الموحَّدة وفتح الكاف مصغَّرًا، المصريُّ قال: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ) بن سعدٍ (عَنْ عُقَيْلٍ) بضمِّ العين وفتح القاف، ابن خالدٍ (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزُّهريِّ / (عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ)‼ بفتح اللَّام(1): (أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ قَالَ: نَعَى لَنَا) ولأبي الوقت: ”نعانا“ (رَسُولُ اللهِ صلعم النَّجَاشِيَّ) نصبٌ مفعول «نعى» (صَاحِبَ الحَبَشَةِ) أي: مَلِكُها، وهو منصوبٌ صفةٌ لسابقه (يَوْمَ الَّذِي) بالنَّصب على الظَّرفيَّة، و«يومَ» نكرةٌ، ولأبي ذَرٍّ: ”اليوم الَّذي(2)“ (مَاتَ فِيهِ فَقَالَ: اسْتَغْفِرُوا لأَخِيكُمْ) في الإسلام أصحمة النَّجاشيِّ. (وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزُّهريِّ بالسَّند السَّابق (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (سَعِيدُ ابْنُ المُسَيَّبِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ☺ قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلعم ، صَفَّ بِهِمْ(3) بِالمُصَلَّى، فَكَبَّرَ عَلَيْهِ(4)) أي: على النَّجاشيِّ (أَرْبَعًا) لا دلالة فيه على منع الصَّلاة على الميِّت في المسجد، وهو قول الحنفيَّة والمالكيَّة؛ لأنَّه ليس فيه صيغة نهيٍ، ولأنَّ(5) الممتنع عند الحنفيَّة إدخال الميِّت المسجد، لا مجرَّد الصَّلاة عليه حتَّى لو كان الميت خارج المسجد جازت الصَّلاة عليه، ويحتمل أنَّه صلعم إنَّما خرج بالمسلمين إلى المصلَّى؛ لقصد تكثير الجمع الَّذين يصلِّون عليه، ولإشاعة كونه مات مسلمًا، وقد ثبت في «صحيح مسلمٍ»: أنَّه صلعم صلَّى على سُهَيل ابن بيضاء في المسجد، فكيف يُتْرك هذا الصَّريح لأمرٍ محتملٍ؟ وحينئذٍ فلا كراهة في الصَّلاة عليه فيه، بل هي فيه(6) أفضل منها في غيره؛ لهذا الحديث، ولأنَّ المسجد أشرف من غيره، وأجاب المانعون عن حديث سُهيلٍ باحتمال أن يكون سُهيلٌ كان خارج المسجد، والمصلُّون داخله(7)، وذلك جائزٌ اتِّفاقًا، وأُجِيبَ بأنَّ عائشة استدلَّت بذلك لمَّا أنكروا عليها أمرها بالمرور بجنازة سعدٍ على حجرتها لتصلِّي عليه، وسلَّم لها الصَّحابة، فدلَّ على أنَّها حفظت ما نسوه(8)، وقد روى ابن أبي شيبة وغيره: أنَّ عمر صلَّى على أبي بكرٍ في المسجد، وأنَّ صهيبًا صلَّى على عمر في المسجد، زاد في روايةٍ: «ووضعت الجنازة في المسجد تجاه المنبر»، قال في «الفتح»: وهذا يقتضي الإجماع على جواز ذلك. انتهى. وأمَّا حديث: «مَن صلَّى على جنازةٍ في المسجد؛ فلا شيء له»؛ فضعيفٌ، والَّذي في الأصول المعتمدة: «فلا شيء عليه» وإن صحَّ؛ وجب حمله على هذا جمعًا بين الرِّوايات، وقد جاء مثله في القرآن؛ كقوله تعالى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا}[الإسراء:7] أو على نقصان الأجر؛ لأنَّ المصلِّي عليها في المسجد ينصرف عنها غالبًا، ومن يصلِّي(9) عليها في الصَّحراء يحضر دفنها غالبًا، فيكون التَّقدير: فلا أجر له كاملٌ، كقوله ╕ : «لا صلاة بحضرة طعامٍ»، ووجه المطابقة بين الحديث والتَّرجمة كونه ألحق حكم المصلِّي بالمسجد بدليل ما سبق في «العيدين» [خ¦974] وفي «الحيض» [خ¦324] من حديث أمِّ عطيَّة: «ويعتزل الحُيَّض المصلَّى»، فدلَّ على أنَّ للمصلَّى حكم المسجد فيما ينبغي أن يُجتَنب فيه.


[1] زيد في (ب) و(س): «عبد الرَّحمن»، وهو اسم أبيه.
[2] زيد في (م): «يوم»، وليس بصحيحٍ.
[3] في (ص): «صفَّهم».
[4] «فكبَّر عليه»: سقط من (م).
[5] «لأنَّ»: مثبتٌ من (د) و(م).
[6] «فيه»: ليس في (ص).
[7] في (د): «داخلون».
[8] في (م): «بالنسوة»، وليس بصحيحٍ.
[9] في (ص): «صلَّى».