إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إني أعطي الرجل وأدع الرجل

          7535- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ) محمَّد بن تَغْلِب _بفتح الفوقيَّة وسكون الغين المعجمة وكسر اللَّام_ العبديُّ قال: (حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ) الأزديُّ (عَنِ الحَسَنِ) البصريِّ أنَّه قال: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ) بفتح العين وسكون الميم، و«تَغْلِب» بفتح الفوقيَّة وسكون المعجمة وكسر اللَّام بعدها موحَّدةٌ، النَّمَريُّ، بفتح النُّون والميم مُخفَّفًا (قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلعم مَالٌ فَأَعْطَى) ╕ منه(1) (قَوْمًا وَمَنَعَ آخَرِينَ، فَبَلَغَهُ أَنَّهُمْ عَتَبُوا) عليه (فَقَال) ╕ : (إِنِّي أُعْطِي الرَّجُلَ وَأَدَعُ الرَّجُلَ) أي: أترك إعطاءه (وَالَّذِي أَدَعُ) أترك (أَحَبُّ إِلَيَّ) بتشديد الياء (مِنَ الَّذِي أُعْطِي) ثمَّ بيَّن النبيُّ صلعم ذلك بقوله(2): (أُعْطِي أَقْوَامًا لِمَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الجَزَعِ وَالهَلَعِ) وهذا موضع التَّرجمة (وَأَكِلُ أَقْوَامًا إِلَى مَا جَعَلَ اللهُ) ╡ (فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الغِنَى وَالخَيْرِ) بكسر الغين والقصر من غير همزٍ(3)، ضدَّ الفقر، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”من الغَناء“ بفتح الغين والهمزة والمدِّ، من الكفاية (مِنْهُمْ: عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ فَقَالَ عَمْرٌو: مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِكَلِمَةِ رَسُولِ اللهِ صلعم ) التي قالها (حُمْرَ النَّعَمِ) بفتح النُّون، قال ابن بطَّالٍ: مراد البخاريِّ في هذا الباب إثبات خلق الله للإنسان بأخلاقه من الهلع والصَّبر والمنع والإعطاء، وفيه: أنَّ المنع قد لا يكون مذمومًا ويكون أفضل للممنوع؛ لقوله: «وأَكِلُ أقوامًا» وهذه المنزلة التي شهد لهم(4) بها صلعم أفضل من العطاء(5) الذي هو عَرَضُ الدُّنيا، ولذا(6) اغتبط به عمرٌو ☺ .
          والحديث سبق في «الخمس» في «باب ما كان النَّبيُّ صلعم يعطي المؤلَّفة قلوبهم» [خ¦3145].


[1] قوله: « ╕ منه»: مثبت في (د).
[2] قوله: «ثمَّ بين النبي صلعم ذلك بقوله» مثبتٌ من (د).
[3] في (د): «همزة».
[4] في (د): «له».
[5] في (د): «الإعطاء».
[6] في (د): «ولهذا».