إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: جاء حبر إلى رسول الله فقال: يا محمد إن الله يضع

          7451- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُوسَى) بن إسماعيل التَّبوذكيُّ قال: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ) الوضَّاح اليشكريُّ (عَنِ الأَعْمَشِ) سليمان بن مهران (عَنْ إِبْرَاهِيمَ) النَّخعيِّ (عَنْ عَلْقَمَةَ) بن قيسٍ (عَنْ عَبْدِ اللهِ) بن مسعودٍ ☺ أنَّه (قَالَ: جَاءَ حَبْرٌ) من أحبار يهود (إِلَى رَسُولِ اللهِ صلعم فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللهَ) يوم القيامة(1) (يَضَعُ السَّمَاءَ عَلَى إِصْبَعٍ وَالأَرْضَ عَلَى إِصْبَعٍ) وفي: «باب قول الله تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}[ص:75[خ¦7415] «إنَّ الله يمسك السَّموات على إصبعٍ والأرضين على إصبعٍ» (وَالجِبَالَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالشَّجَرَ وَالأَنْهَارَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَسَائِرَ الخَلْقِ) ممَّن لم يُذكَر هنا (عَلَى إِصْبَعٍ) وفي حديث ابن عبَّاسٍ عند التِّرمذيِّ: «مرَّ يهوديٌّ بالنَّبيِّ صلعم فقال: يا يهوديُّ حدِّثنا، فقال: كيف تقول يا أبا القاسم إذا وضع الله السَّموات على ذه، والأرضين على ذه، والماء على ذه، والجبال على ذه، وسائر الخلق على ذه؟ وأشار أبو جعفرٍ أحد رواته بخنصره(2) أوَّلًا، ثمَّ تابع حتَّى بلغ الإبهام» قال التِّرمذيُّ: حسنٌ غريبٌ صحيحٌ، وقد جرى في أمثالهم: فلانٌ يقول كذا بإصبعه ويعمله بخنصره (ثُمَّ يَقُولُ بِيَدِهِ: أَنَا المَلِكُ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صلعم ) تعجُّبًا من قول الحبر، زاد في الباب المذكور [خ¦7415] «حتَّى بدت نواجذه» (وَقَالَ) صلعم : ({وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ}[الزمر:67]) أي: ما عرفوه حقَّ معرفته ولا عظَّموه حقَّ تعظيمه، وقال المهلَّب فيما نقله عنه في «الفتح»: الآية(3) تقتضي أنَّ السَّموات والأرض مُمسَكتان بغير آلةٍ يُعتَمد عليها، والحديث يقتضي أنَّهما مُمسَكتان بالأصبع، والجواب: أنَّ الإمساك بالأصبع محالٌ؛ لأنَّه يفتقر إلى مُمْسِكٍ، قال: وأجاب غيره بأنَّ الإمساك في الآية يتعلَّق بالدُّنيا، وفي الحديث بيوم القيامة.
          ومطابقة الحديث للتَّرجمة تُؤخَذ من قوله في الرِّواية السَّابقة المنبَّه عليها بلفظ: «يمسك» [خ¦7415] وجرى المؤلِّف على عادته في الإشارة عن الإفصاح بالعبارة، فالله تعالى يرحمه.


[1] في (ص): «يضع يوم القيامة».
[2] قوله: «بخنصره» من سنن الترمذي (3240) والفتح.
[3] في (ص): «لأنَّه».