الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب من نسي صلاة

          ░37▒ (باب: مَنْ نَسِيَ صلاة...) إلى آخره
          في «تراجم شيخ المشايخ»: مقصوده عدم وجوب التَّرتيب بين الوقتيَّة والفوائت على خلاف مذهب أبي حنيفة. انتهى.
          قلت: الظاهر عكسه، والمسألة خلافيَّةٌ، فعند الشَّافعيِّ لا يجب التَّرتيب مطلقًا، ويجب عند أحمد مطلقًا، وعندنا الحنفيَّةَ ومالك: يجب إلى خمس صلواتٍ لا بعدها.
          كتب الشَّيخ في «اللَّامع»: قوله: (فليُصَلِّ إذا ذَكَره(1)) ولا يُعِيد إلَّا تلك الصَّلاة، أورده إشارةً إلى ما ورد في بعض الرِّوايات أنَّ مَنْ فاتته صلاةٌ فإنَّ عليه قضاءها ومثلها، بأنَّ ذلك منسوخٌ، ولا يجب عليه إلَّا صلاةٌ واحدةٌ فقط، وليس ذلك إشارةً إلى دفع مذهب مَنْ ذهب إلى وجوب التَّرتيب، وذلك لأنَّ المذكور هاهنا الوجوب بفور الذِّكر، والذِّكر يقتضي سابقيَّة النِّسيان، ولاشكَّ أنَّ التَّرتيب ساقطٌ بالنِّسيان، فليس في هذا الحديث ما يدخل على مثبت وجوب التَّرتيب، والحجَّة له ما أورده المؤلِّف بعد ذلك، فإنَّ النَّبيَّ صلعم فاتته الصَّلوات بمرَّاتٍ، فلو لم يكن التَّرتيب واجبًا لربَّما تركه في بعضها. انتهى.
          وبسط الكلام عليه في «هامش اللَّامع» أشدَّ البسط.
          قال الحافظ: يُحتمل أن يكون البخاريُّ أشار بذلك إلى تضعيف ما وقع في بعض طرق حديث أبي قَتَادة عند مسلمٍ بلفظ: (فَإِذَا كَانَ الْغَدُ فَلْيُصَلِّهَا عِنْدَ وَقْتِهَا)(2)، فإنَّ بعضهم زعم أنَّ ظاهره إعادة المقضيَّة مرَّتين عند ذكرها، وعند حضور(3) مثلها مِنَ الوقت الآتي(4)... إلى آخر ما بسط في «هامش اللَّامع».
          ولا يبعد عندي أنَّه أشار إلى ردِّ قول الإمام أحمد إذ قال فيمن ترك صلاة سَنَةٍ: يصلِّيها ويعيد كلَّ صلاةٍ صلَّاها وهو ذاكرٌ لِما ترك مِنَ الصَّلاة(5)، كما في «المغني».
          فهذا يردُّه قول النَّخَعيِّ في التَّرجمة، وأمَّا عند الحنفيَّة والمالكيَّة فيسقط التَّرتيب بعد خمس صلواتٍ ويسقط بالنِّسيان عندنا وأحمد، ولا يسقط عند المالكيَّة.


[1] في (المطبوع): ((ذكرها)).
[2] صحيح مسلم، كتاب المساجد، باب قضاء الصَّلاة الفائتة... ، (رقم: 681).
[3] في (المطبوع): ((حضورها)).
[4] فتح الباري:2/71 باختصار
[5] المغني لابن قدامة1/435 وفيه قوله ومن ذكر أن عليه صلاة وهو في أخرى أتمها وقضى المذكورة، وأعاد التي كان فيها إذا كان الوقت مبقى،... من ترك صلاة سنة يصليها، ويعيد كل صلاة صلاها وهو ذاكر لما ترك من الصلاة.