الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب إثم من فاتته العصر

          ░14▒ (باب: إثم مَنْ فَاتَتْه العَصْر)
          هاهنا عدَّة أبحاثٍ:
          الأوَّل: أنَّ الإمام ترجم بترجمتين:
          الأولى: هذه.
          والثَّانية: (إثم مَنْ ترك العصر)، وأُورِدَ عليه بالتَّكرار، ومؤدَّى ما قال الحافظان ابن حجرٍ والعينيُّ أنَّ المراد بالفوات تأخيرها عن وقت الجواز بغير عذرٍ، وهذا لا يكفي لدفع إيراد التَّكرار لأنَّ الثَّانية أصرح في العمد، وقال شيخ الإسلام: الفرق بينهما أنَّ التَّرك نصٌّ في العمد دون الفوات، ويحتمل أنَّ الإمام فرَّق في العنوان والتَّعبير فقط دون المراد رعايةً لألفاظ الرِّوايتين. انتهى.
          والأوجه عندي أنَّ المراد في التَّرجمة الأولى الفوات بدون العمد للتَّقابل بالتَّرجمة الثَّانية، وهو الَّذِي أراد الإمام التِّرْمذيُّ إذ ترجم على الحديث الأوَّل: باب: مَا جَاء في السَّهْو عَن وَقْت صَلاة العَصْر، وإلى ما اخترته مال السِّنديُّ إذ قال: المتبادر مِنَ الفوات ألَّا يكون باختيارٍ مِنَ العبد، فعلى هذا قوله: (فكأنَّما وُتِر أهله وماله) إشارةً إلى ما فاته مِنَ الخير، وهو المناسب بجعل المصنِّف الفوت في مقابلة التَّرك، لكن على هذا يشكل إضافة الإثم على الفوات(1) إلَّا أن يراد بالإثم ما يلحقه مِنَ الضَّرر ولو بفوات الفضل(2). انتهى.
          أو يقال: إنَّ لفظ الإثم مجازٌ عن الأسف وغيره بلفظ الإثم إشارةً إلى أنَّ هذا الأسف يكون في الآخرة.
          والبحث الثَّاني: في معنى الفوات، واختلفوا فيه على أقوالٍ: مِنَ التَّأخير أو ترك الجماعة أو التَّرك نسيانًا وغير ذلك، بُسِطت في «هامش اللَّامع».
          والثَّالث: في تخصيص العصر بذلك، قال الحافظ: ظاهر الحديث التَّغليظ على مَنْ تفوته العصر، وأنَّ ذلك مختصٌّ بها.
          وذكر العينيُّ: وجوه تخصيص العصر، وقال ابن عبد البرِّ: يحتمل أن يكون الحديث خرج جوابًا لسائلٍ عن صلاة العصر فلا يمنع ذلك إلحاق غيرها مِنَ الصَّلوات.
          والبحث الرَّابع: في إعراب لفظ (أهله وماله) في الحديث الأوَّل.
          والبحث الخامس احتجاج الخوارج من الحديث الثاني، كما بسط في «هامش اللامع».


[1] في (المطبوع): ((فوات)).
[2] في (المطبوع): ((الفصل)).