الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب وقت العشاء إلى نصف الليل

          ░25▒ (باب: وقت العِشَاء إلى نصفِ اللَّيل)
          كتب الشَّيخ فِي «اللَّامع»: يعني بذلك وقتها المستحبَّ، ثُمَّ اختلاف الرِّوايتين بالنِّصف والثُّلث مبنيٌّ على اختلاف التَّخمين وتقريب الأمر، و(1)على اختلاف إرادة الشُّروع والفراغ. انتهى.
          وبهذا جزم الشُّرَّاح مِنْ أنَّ المراد الوقت المختار، وأمَّا وقت الجواز فهو إلى الصُّبح، وقال الإصْطَخْريُّ(2) مِنَ الشَّافعيَّة: وقت الجواز إلى نصف اللَّيل، وبعده قضاءٌ لا أداءٌ.
          فالأوجه عندي أنَّ مسلك الإمام البخاريِّ هو مسلك الإصْطَخْريِّ وهو قولٌ للشَّافعيِّ ومالكٍ، كما في «الأوجز»(3).
          ويدلُّ [عليه] ظاهر التَّرجمة كما جزم به الكرمانيُّ إذ قال: إنَّ ظاهرها مشعرٌ لذلك، ولذلك لم يأتِ بشيءٍ مِنَ الأثر، والحديث يدلُّ على الامتداد وإلى(4) طلوع الفجر.
          وقال الحافظ: لم أرَ في امتداد وقت العشاء إلى طلوع الفجر حديثًا صريحًا يثبت. انتهى.
          وعلى هذا فلا حاجة عندي لتوجيه التَّرجمة، ولو سُلِّم صرفها إلى مذهب الجمهور فيمكن توجيها(5) بما يستنبط مِنْ كلام العلَّامة السِّنديِّ وهو أنَّ الغاية في التَّرجمة داخلةٌ في المغيَّا، وكأنَّه أثبت جوازها إلى ما بعد النِّصف، وثبت ذلك في حديث الباب بلفظ: (أخَّر العشاء إلى نصف اللَّيل ثُمَّ صلَّى)، فلفظ: (ثُمَّ) صريحٌ في الأداء بعد النِّصف، فإذا ثبت الأداء بعد النِّصف امتدَّ إلى طلوع الفجر / لعدم القائل بالفصل، فإنَّ المذاهب في آخر وقت العشاء ثلاثةٌ: إلى الثُّلث وإلى النِّصف وإلى طلوع الفجر، كما في «الأوجز».
          وترجم بلفظ: (إلى نصف اللَّيل) رعايةً للفظ الحديث الوارد فيه، فتأمَّل.
          فإنَّه لطيفٌ. انتهى مِنْ «هامش اللَّامع».


[1] في (المطبوع): ((أو)).
[2] انظر المجموع شرح المهذب:3/36
[3] أوجز المسالك1/285
[4] في (المطبوع): ((إلى)).
[5] في (المطبوع): ((توجيهها)).