الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب {منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين}

          ░2▒ (باب: قول الله ╡: {مُنِيبِينَ...} إلى آخره [الروم:31])
          كتب الشَّيخ في «اللَّامع»: قصد بذلك أنَّ الله تبارك وتعالى ذكر ترك الصَّلاة بلفظ الإشراك حيث قال: {أَقِيمُوا الصَّلاة وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الروم:31] فكان تركها إشراكًا أو فعل المشركين، ودلالة الرِّواية على هذا المعنى مِنْ حيث إنَّه جعل الصَّلاة جزء الإيمان(1)، وانتفاء الجزء هو انتفاء الكلِّ مِنْ حيث كونه كلًّا، والجواب عنه ما مرَّ مِنْ أنَّه جزءٌ للكامل مِنَ الإيمان لا مطلقه، والإشراك في الآية إتيان أفعال المشركين أو هو شركٌ دون شركٍ. انتهى.
          وبنحو ذلك قال السِّنديُّ.
          وفي «هامش اللَّامع» في هذه التَّرجمة عدَّة أبحاثٍ:
          الأوَّل: في غرض التَّرجمة، والأوجه عندي أنَّ الإمام البخاريَّ أشار بذلك إلى رواياتٍ وردت في كفر تارك الصَّلاة كما في مسلمٍ وغيره: ((بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلاة))(2)، وغير ذلك مِنَ الرِّوايات، وهذا هو الأصل الحادي والأربعون مِنْ أصول التَّراجم، وهو أصلٌ مطَّردٌ، وكثير(3) الوقوع في البخاريِّ.
          وقال الحافظ: وهذه الآية ممَّا استدلَّ به مَنْ يرى تكفير تارك الصَّلاة لِما يقتضيه مفهومها. انتهى.
          والثَّاني: مناسبة هذا الباب بالكتاب، فإن كان الكتاب <كتاب مواقيت الصَّلاة وفضلها >كما اخترته، فالمناسبة بالجزء الثَّاني مِنَ التَّرجمة واضحةٌ وإن كان الكتاب <كتاب المواقيت> فقط، فتوجيه المناسبة أنَّ الوارد في الباب: {وَأَقِيمُوا الصَّلاة} [الروم:31]، وقال قَتَادة: إقامة الصَّلاة المحافظة على مواقيتها ووضوئها وركوعها وسجودها، كما في «الدُّرِّ».
          وأمَّا على توجيه شيخ المشايخ فذكر هذا الباب وأمثاله استطرادٌ.
          والثَّالث: مناسبة الحديث بالتَّرجمة، وفيها كلام الشَّيخ قُدِّس سرُّه أوضح وأجود، وقال الحافظ: ومناسبة الحديث أنَّ في التَّرجمة اقتران نفي الشِّرك بإقامة الصَّلاة، وفي الحديث إثبات التَّوحيد بإقامتها. انتهى ملخَّصًا.


[1] في (المطبوع): ((جزء من الإيمان)).
[2] صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، (رقم 134).
[3] في (المطبوع): ((كثير)).