الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب ما يصلى بعد العصر من الفوائت ونحوها

          ░33▒ (باب: ما يُصَلَّى بعد العَصْر مِنَ الفَوائِت ونَحْوِها...) إلى آخره
          قال الحافظ: قال الزَّين بن المُنَيِّر: وأشار به إلى إدخال ما له سببٌ مِنَ النَّوافل. انتهى.
          وأنكره العينيُّ وقال: بل المراد مِنْ ذلك دخول مثل صلاة الجنازة إذا حضرت في ذلك الوقت وسجدة التِّلاوة، والنَّهي الوارد في هذا الباب عامٌّ يتناول النَّوافل الَّتي لها سببٌ والَّتي ليس لها سببٌ. انتهى.
          قلت: فكلٌّ مِنَ الشَّارحين فسَّر مراد البخاريَّ على مسلكه، فإنَّ عند الشَّافعيَّة يجوز في الأوقات المنهيَّة مِنَ النَّوافل ما كانت ذات سببٍ، ولا يجوز عند الحنفيَّة، كما بُسط الاختلاف في ذلك في «هامش اللَّامع» و «الأوجز» و«هامش الكوكب».
          وفي «تراجم شيخ المشايخ»: غرضه مِنْ عقد هذا الباب الإشارة إلى توجيه ما روي عن عائشة ╦ : مِنْ أنَّه لم يكن رسول الله صلعم يدع الرَّكعتين بعد العصر، بأنَّه كان ذلك قضاءً لراتبة الظُّهر، ومعنى قولها: (ما تركهما) ترك نسخٍ، بل كان ◙ إذا فاتته راتبة الظُّهر أو راتبة صلاةٍ أخرى صلَّاها بعد العصر، لكنَّ هذا التَّوجيه لا يمشي في آخر أحاديث الباب. انتهى.
          قوله: (شغلني ناسٌ...) إلى آخره كتب الشَّيخ في «اللَّامع»: فيه دلالةٌ على جواز القضاء في ذلك الوقت، غير أنَّ السُّنن لمَّا لم تكن مقضيةً لعدم الوجوب ليس لأحدٍ قضاؤها في الأوقات سيَّما المكروهة، ثُمَّ إنَّ الرَّكعتين مِنْ خصوصيَّات النَّبيِّ صلعم، ومَنْ صلَّى مِنَ الصَّحابة فإنَّما صلَّى لحمله فعله ◙ على التَّشريع مع أنَّه لم يكن تشريعًا، وكان يصلِّيها يوم عائشة لابتدائهما أوَّلًا في يومها. انتهى.
          وفي «هامش اللَّامع»: أجاد الشَّيخ قُدِّس سرُّه في هذا الكلام المختصر الوجيز البديع الإشارات إلى ستَّة أبحاثٍ طويلة الأذيال جديرةٌ بالباب:
          الأوَّل منها: / إثبات التَّرجمة وهو جواز القضاء في أوقات النَّهي.
          الثَّاني: ما يُتَوهَّم مِنْ أحاديث الباب وجوب قضاء السُّنن والنَّوافل.
          الثَّالث: جواز قضاء السُّنن وغيرها في الأوقات المنهيَّة.
          الرَّابع: أنَّ هاتين الرَّكعتين مِنْ خصوصيَّاته صلعم فلا يقاس عليه غيرُه.
          الخامس: الجواب عمَّا ورد مِنَ الآثار في جواز النَّفْل بعد العصر.
          السادس أن هاتين الركعتين الواردتين في الباب اختلفت الروايات في إثباتهما ونفيهما، وبسط الكلام على هذه المباحث في «هامش اللامع».