الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب من أدرك ركعة من العصر قبل الغروب

          ░17▒ (باب: مَنْ أَدْرَك َركْعَةً مِنَ العَصْر...)
          يشكل على الإمام البخاريِّ أنَّه ترجم بإدراك الرَّكعة وذكر الحديث بإدراك السَّجدة، قال الحافظ: كأنَّه أراد تفسير الحديث، وأنَّ المراد بالسَّجدة الرَّكعةُ. انتهى.
          والأوجه عندي أنَّ الإمام البخاريَّ أشار إلى مسألةٍ خلافيَّةٍ وهي ما قال الموفَّق: إنَّ مدرك الرَّكعة في آخر الوقت مدركٌ للصَّلاة، وهل يدركها بإدراك ما دون الرَّكعة؟ فيه روايتان:
          إحداهما: لا يدركها بأقلَّ مِنْ ذلك، وهو مذهب مالكٍ.
          والثَّانية: يدركها بإدراك جزءٍ منها أيَّ جزءٍ كان، وهو مذهب أبي حنيفة، وللشَّافعيِّ قولان كالمذهبين. انتهى.
          فالظَّاهر عندي أنَّ الإمام البخاريَّ أشار بذكر هذه الرِّواية في هذا الباب إلى أنَّ ما ورد في الرِّوايات مِنْ لفظ: (الرَّكعة) ليس باحترازٍ، ثُمَّ مطابقة حديثي التَّمثيل بالباب بأنَّ مدرك آخر الجزء كمدرك الكلِّ، ولذا أتمَّ لهم الأجور، فكذلك مدرك الرَّكعة الأخيرة، بسطه في «فيض الباري».
          وكتب الشَّيخ في «اللَّامع»: المناسبة بالتَّرجمة مِنْ حيث إنَّ الاستئجار شاملٌ للوقت إلى الغروب، فمَنْ أتى قُبيل الغروب بحيث يمكن له أن يعدَّ اسمه في العاملين كان داخلًا فيهم، وذلك لأنَّ العادة في المستأجِرِين لاسيَّما في الكرماء أن ينظروا إلى العَمَلة وقت فراغهم مِنَ العمل، فمَنْ وجد منهم ثمَّة إذنْ وجب أجر عمله، وإن كان قد أتى بعد الآخرين بكثيرٍ، والله تعالى أعلم. انتهى.
          وبسط الكلام عليه في «هامشه».