الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب وقت الظهر عند الزوال

          ░11▒ (باب: وقْتِ الظُّهْر عِنْدَ الزَّوال)
          كتب الشَّيخ في «اللَّامع»: أورد المؤلِّف مِنَ الظُّهر أوَّل وقتها، ومِنَ العصر آخر وقتها، ولم يبيِّن أوَّل وقت العصر ولا آخر وقت الظُّهر، والظَّاهر أنَّه لم يثبت له شيءٌ مِنْ روايات المِثْل أو المِثْلَين على حسب شرطه، ولا يبعد أن يكون ذلك إشارةً منه إلى ما ذهب إليه المحدِّثون، والشَّافعيُّ ⌂: مِنْ جواز الجمع بين الظُّهر والعصر في وقت إحداهما، وذلك لأنَّه بيَّن أوَّلًا: {إِنَّ الصَّلاة كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء:103 / ولا وجه للتَّوقيت بعد جواز الجمع بينهما إلَّا بأن يُجْعَل الوقت مُشْتَركًا بينهما، فكان الوقت مِنَ الزَّوال إلى المغرب كما هو للظُّهر فكذلك العصر. انتهى.
          بسط الكلام عليه في «هامش اللَّامع» أشدَّ البسط، وفيه قال الحافظ: أشار بهذه التَّرجمة إلى الرَّدِّ على مَنْ زعم مِنَ الكوفيِّين أنَّ الصَّلاة لا تجب بأوَّل الوقت. انتهى.
          قلت: ما قال الحافظ: إنَّ ترجمة الإمام إشارةٌ إلى هذه المسألة بعيدٌ جدًّا، ولا أدري كيف كتبه الحافظ مع جلالة قدره، ولا تعلُّق للتَّرجمة ولا لشيءٍ ممَّا أورد في التَّرجمة بتلك المسألة، إشارةً ولا دلالةً، والظَّاهر أنَّه أشار بالتَّرجمة إلى ردِّ الطَّائفتين الأخريين:
          إحداهما: مَنْ جوَّز صلاة الظُّهر قبل الزَّوال، كما هو منقولٌ عن بعض السَّلف مِنَ الصَّحابة، وعن أحمد وإسحاق مثله في صلاة الجمعة.
          والطَّائفة الثَّانية مَنْ قال: إنَّ أوَّل وقت الظُّهر إذا صار الفيء قدر الشِّراك بعد الزَّوال، والجمهور على الزَّوال... إلى آخر ما في «الهامش».
          ويحتمل أن الغرض أن الصلاة في الإبراد مندوب، وأصل الوقت يحصل بالزوال، والله سبحانه وتعالى أعلم بمراد العباد.