الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب حديث زيد بن عمرو بن نفيل

          ░24▒ (باب: حديث زيْد بنِ عَمْرِو بنِ نُفَيْل )
          ابنِ عبد العزُّى بن رِيَاح بن عبد الله بن قُرْط بن رَزَاح / بن عَدِيِّ بن كَعْب بن لُؤَيِّ بن غَالِب بن فِهْر بن مَالِك القُرَشِيِّ العَدَويِّ، والد سعيد بن زيد أحد العشرة المبشَّرة، وابن عمِّ عمر بن الخطَّاب رضي الله تعالى عنه، يجتمع هو وعمر في نُفَيْل، وسقط لفظ: (باب) لأبي ذرٍّ. انتهى مِنَ القَسْطَلَّانيِّ.
          قال الحافظ: وكان ممَّن طلب التَّوحيد وخلع الأوثان، وجانَبَ الشِّرك، لكنَّه مات قبل المبعث، فروى محمَّد بن سعد والفَاكهيُّ مِنْ حديث عامر بن ربيعة حَلِيف بني عَدِيِّ بن كعب، قال: قال لي زيد بن عَمْرٍو: إنِّي خالفت قومي، واتَّبعت ملَّة إبراهيم وإسماعيل وما كانا يعبدان، وكانا يصلِّيان [إلى] هذه القِبلة، وأنا أنتظر نَبِيًّا مِنْ بني إسماعيل يُبْعَث، ولا أُرَانِي أُدْرِكُه، وأنا أُومن به وأصدِّقُه وأشهد أنَّه نبيٌّ، وإن طالت بك حياة فأقْرِهِ(1) منِّي السَّلام، قال عامر: فلمَّا أسْلَمْتُ أعْلَمْتُ النَّبيَّ صلعم بِخَبَرِه، قال: فردَّ ◙، وترحَّم عليه، قال: ((ولقد رأَيْتُه في الجنَّة يَسْحَبُ ذُيُولًا)) وروى البزَّار والطَّبَرانيُّ مِنْ حديث سعيد بن زيد قال: ((خرج زيد بن عمرو وورقة بن نوفل يطلبان الدِّين حتَّى أَتَيَا الشَّام، فتَنَصَّرَ ورقةُ، وامتنع زيد، فأتى الموصل، فلقي راهبًا، فعرض عليه النَّصرانيَّة، فامتنع)) وذكر الحديث نحو حديث ابن عمر الآتي في ترجمته، وفيه: ((قال سعيد بن زيد فسألت أنا وعمرُ رسولَ الله صلعم عن زيد، فقال: غفر الله له ورحمه، فإنَّه مات على دين إبراهيم)) وروى الزُّبير بن بكَّار مِنْ طريق هشام بن عروة قال: بلغَنا أنَّ زيدًا كان بالشَّام، فبلغه مخرج النَّبيِّ صلعم، فأقبل يريده، فقُتِل بمضيعة مِنْ أرض البَلْقاء، وقال ابن إسحاق: لمَّا توسَّطَ بلاد لَخْم قتلوه، وقيل: إنَّه مات قبل المبعث بخمس سنين عند بناء قريش الكعبة. انتهى مِنَ «الفتح».
          وعلى هذا، فالتَّرجمة على محلِّها، ويمكن الإشارة إلى حال الجاهليَّة بأنَّ بعضهم كانوا طالبين الدِّين أيضًا، وهذا بيان لشدَّة استعدادهم الخير.
          وقالَ العَينيُّ: ولمَّا مات دُفن بأصل حِراء، ثمَّ قال: فإن قلت: ما حكمُه مِنْ جهة الدِّين؟ قلت: ذكره الذَّهبيُّ في «تجريد الصَّحابة» وقال: قال النَّبيُّ صلعم: ((يُبْعَثُ أُمَّةً وَحْدَهُ)) وعن جابر رضي الله تعالى عنه قال: سئل رسول الله صلعم عن زيد بن عمرو بن نُفيل أنَّه كان يستقبل القبلة في الجاهليَّة، ويقول: إلهي إلهُ إبراهيم، ودِيني دِين إبراهيم، ويسجد، فقال رسول الله صلعم: ((يُحشَر ذاك أمَّةً وحده بيني وبين عيسى بن مريم ◙)) رواه ابن أبي شيبة.
          وذكر الرِّوايات الَّتي تقدَّم في كلام الحافظ.
          وقال أيضًا: فإن قلت: لمَ ذكر البخاريُّ هذا الباب في كتابه؟ قلت أشار به إلى أنَّ النَّبيَّ صلعم لقيه قبل أن يُبْعَث، وذكر في شأنه ما ذكره، حتَّى إنَّ الذَّهبيَّ وغيره ذكروه في الصَّحابة، وقال صاحب «التَّوضيح»: ميل البخاريِّ إليه، قلت: فلذلك ذكره بين ذكر الصَّحابة. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((فأقرئه)).