الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب تزويج النبي خديجة وفضلها

          ░20▒ <باب: تَزْويج النَّبيِّ صلعم خَدِيْجَة وفَضْلِها ♦>
          هكذا وقع هاهنا في «النُّسخ الهنديَّة» وكذا في «نسخة العينيِّ والقَسْطَلَّانيِّ».
          وفي نسخة «الفتح» هذا الباب مُؤخَّر عن(1) ذكر جرير، وذكر حذيفة، ورجَّحه الحافظ إذ قال: وقع ذكر جرير وحُذَيْفة مؤخَّرًا عن ذكر خديجة، وفي بَعْضِها مُقَدَّمًا وهو ألْيَق، فإنَّ الَّذِي يظهر أنَّه أخَّر ذِكر خديجة عَمْدًا لكون غَالب أَحْوَالِها متعلِّقة بأحوال النَّبيِّ صلعم قبل المبعث، فوقع له في ذلك حُسْنُ التَّخَلُّص مِنَ المناقب الَّتي استطرد مِنْ ذكر النَّبيِّ صلعم إليها، فلمَّا فرغ منها رجع إلى بقيَّة سيرته ومغازيه، والله أعلم. انتهى.
          قلت: والظَّاهر(2) عند هذا العبد الضَّعيف أنَّ المصنِّف لمَّا فرغ عن المناقب شَرَع مِنْ هاهنا ذِكْر الواقعات المُهِمَّة مِنْ بَدْءِ المَبْعَث، ومنها تزويجُه صلعم خَدِيجة ♦.
          أمَّا خديجة فهي بنت خُوَيْلد بن أسد بن عبد العزَّى بن قصيٍّ القُرَشيَّة الأسديَّة، أوَّل خلقِ الله إسلامًا اتِّفاقًا، وكانت له صلعم وزير صدقٍ عندما بُعث، فكان لا يسمع مِنَ المشركين شيئًا يكره(3) مِنْ ردٍّ عليه وتكذيبٍ له إلَّا فرَّج الله بها عنه تُثَبِّته وتُصَدِّقه، وتُخَفِّف عنه وتُهَوِّن عليه ما يلقى مِنْ قومه، واختارها الله تعالى له صلعم لِما أراد بها مِنْ كرامته، وكانت تدعي(4) في الجاهليَّة الطَّاهرة، تزوَّجها صلعم وسنُّه خمس وعشرون سَنة في قول الجمهور، وكانت قَبْله عند أبي هَالَة بنِ النَّبَّاش بن زياد التَّميميِّ حليفِ بني عبد الدَّار، وتُوفِّيت على الصَّحيح بعد النُّبوَّة بعشر سنين في شهر رمضان، فأقامت معه صلعم خمسًا وعشرين سَنة.
          واستشكل قوله في التَّرجمة: (تزويج) بصيغة التَّفعيل إذ مقتضاه أن يكون التَّزويج لغيره، وأجيب بأنَّ التَّفعيل قد يجيء بمعنى التَّفعُّل، أو المراد تزويجه صلعم خديجة مِنْ نفسه. انتهى مِنَ القَسْطَلَّانيِّ.
          قال الحافظ: ذكر المصنِّف في الباب أحاديث لا تصريح فيها بما في التَّرجمة إلَّا أنَّ ذلك يُؤخَذُ بطريق اللُّزُوم مِنْ قول عائشة: ((ما غِرْتُ على امرأة)) ومِنْ قوله صلعم: ((وَكَانَ لِي مِنْهَا وَلَدٌ))، وغير ذلك. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((من)).
[2] في (المطبوع): ((الظاهر)).
[3] في (المطبوع): ((يكرهه)).
[4] في (المطبوع): ((تدعَى)).