التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث أبي بكر في الهجرة

          3615- قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو البُخاريُّ، أبو أحمد البيكنديُّ، كما صَرَّحَ به الجَيَّانيُّ في «تقييده»، وعبدُ الغنيِّ بن عبد الواحد المقدسيُّ في «الكمال» في ترجمة أحمدَ بنِ يزيدَ الحرَّانيِّ، يروي مُحَمَّدٌ هذا عنِ ابنِ عُيَيْنَة ووكيعٍ وغيرِهما، وعنه: البُخاريُّ وأحمدُ بنُ سيَّار، انفرد البُخاريُّ بالإخراج له، وله رحلةٌ واسعةٌ، وقد تَقَدَّمَ في (كتاب العلم)، وأنِّي لا أعلم فيه جرحًا ولا تعديلًا، إلَّا أنَّ البُخاريَّ روى عنه في غير مكانٍ في هذا «الصحيح» محتجًّا به [خ¦77]، والله أعلم.
          و(أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّمَ أنَّه عَمْرُو بن عبد الله السَّبِيعيُّ أعلاه.
          قوله: (أَسْرَيْنَا لَيْلَتَنَا وَمِنَ الْغَدِ): قال ابن قرقول: (لا يُستعمَل «السُّرى» إلَّا باللَّيل، ولكنَّه لمَّا ذكره مع اللَّيل؛ ضمَّ النهار معه وغلب أحدهما على الآخر، وقد تكون هذه اللفظة: «أسأَدْنا ليلنا ويومنا»، والإسئاد: سير اللَّيل مع النهار)، انتهى، يقال: سرى [يَسرِي سُرًى]، وأسرى يُسري إسراءً؛ لغتان.
          قوله: (حَتَّى قَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ): هو كنايةٌ عن وقوف الشمس وقتَ الهاجرة حتَّى كأنَّها لا تبرحُ، فيكون قيامُها كنايةً عنها، أو عن الظلِّ؛ لوقوفه حينئذٍ حتَّى يأخذ في الزيادة. /
          قوله: (فَرُفِعَتْ لَنَا صَخْرَةٌ): (رُفعت): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و(صخرةٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّن(1) نائبٌ مَنَابَ الفاعل، و(طَوِيلَةٌ): مثله، صفة لـ(صخرة).
          قوله: (بِيَدِيَّ): هو بتشديد الياء الأخيرة، كذا في أصلنا على التثنية.
          قوله: (فَرْوَةً): قال ابن قرقول: («ففرشتُ عليه فروة»، ويروى: «وبسطتُ عليه فروة»: قيل: هي(2) حُشاشةٌ يابسةٌ، أو قطعةٌ مِن حشيشٍ يابسٍ، ويحتمل أنْ يكون على وجهه وظاهره، وفي بعض طرقه في «البُخاريِّ» في «باب الهجرة»: «ففرشتُ له فروةً معي» [خ¦3917]، وهذا يُشعر بأنَّ الفروة ههنا مِنَ اللِّباس المعلوم)، انتهى، وكذا ذكر القولين ابن الأثير في «نهايته».
          قوله: (وَأَنَا أَنْفُضُ لَكَ مَا حَوْلَكَ): (أَنْفُض): بفتح الهمزة، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ فاء مضمومة، ثُمَّ ضاد معجمة؛ أي: أتجسَّسُ وأتعرَّف ما فيه ممَّا تخافه، و(النَّفَضَةُ): الجماعة يُبعثون في الأرض ينظرون هل فيها عدوٌّ أو خوفٌ؟ وكذلك (النَّفيضة) نحو الطَّليعة.
          قوله: (فَإِذَا أَنَا بِرَاعٍ): هذا الراعي: هو عبد الله بن مسعود، كذا في «مسند أحمد» [خ¦3598]، وفي ذلك نظرٌ.
          قوله: (لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَوْ مَكَّةَ): هذا شكٌّ من الراوي، فكلاهما صحيحٌ في نفسه، أمَّا مكَّة؛ فظاهرٌ، وأمَّا المدينة؛ فلمَّا كان الرَّاعي قريبًا من مكَّة؛ قال: المدينة، والله أعلم، وقد جاء في موضعٍ آخرَ الجزمُ(3) بـ(المدينة).
          والرجل صاحب الغنم: هو عقبة بن أبي مُعَيط، كما في «المسند»، وفيه نظرٌ.
          قوله: (أَفِي(4) غَنَمِكَ لَبَنٌ؟): هو بفتح اللام والموحدة؛ يعني: اللبنَ المعروف، هذه الرواية المشهورة، ورُويَ بضَمِّ اللام، وإسكان الباء؛ أي: شياهٌ ذاتُ ألبانٍ، قاله النَّوويُّ في «شرح مسلمٍ».
          قوله: (وَالْقَذَى): هو بفتح القاف، وبالذال المُعْجَمَة، مقصور، وهو ما يسقط في الشراب وفي العين.
          قوله: (فَحَلَبَ فِي قَعْبٍ): كذا هنا، وفي أخرى: أنَّ أبا بكرٍ قال: (فحلبتُ) [خ¦3908]، وسيأتي الجمع بينهما في حديث الهجرة وغيره [خ¦3908]، والله أعلم.
          قوله: (فِي قَعْبٍ): هو بفتح القاف، وإسكان العين المُهْمَلَة، وبالموحدة، وهو إناءٌ من خشبٍ، ضخمٌ مدوَّرٌ مقعَّرٌ، تشبَّه [به] حوافر الخيل؛ لتدويره.
          قوله: (كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ): (الكُثْبة): بضَمِّ الكاف، ثُمَّ ثاء مُثَلَّثَة ساكنة، ثُمَّ مُوَحَّدة، ثُمَّ تاء التأنيث، وهو الشيء القليل، و(الكُثْبة): كلُّ قليلٍ جمعْتَه من طعامٍ أو لبنٍ أو غير ذلك، والجمع: كُثَبٌ.
          قوله: (وَمَعِي إِدَاوَةٌ): تَقَدَّمَت غَيْرَ مَرَّةٍ [خ¦150].
          قوله: (أَلَمْ يَأْنِ الرَّحِيلُ؟): أي: يحِنْ وقتُه.
          قوله: (سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ): (سراقةُ): مَرْفُوعٌ فاعل (اتَّبَع)، وجدُّه اسمه جُعْشُم المُدْلِجِيُّ، أبو سفيانَ، نزل قُدَيدًا، وهو الذي ساخت قوائمُ فرسِه، ثُمَّ أسلم وحسن إسلامه، أسلم بالجعرانة عنده ╕ حين انصرف من حُنَينٍ والطائفِ في سنة ثمانٍ، روى عنه: ابنُ المُسَيِّـَب، ومجاهدٌ، وطاووسٌ، وعُلَيُّ بن رباح، وابنُه مُحَمَّدُ بن سراقة، وجماعةٌ، مات سنة ░24هـ▒، فإنْ صحَّ هذا؛ فروايةُ هؤلاء عنه مرسلةٌ، وقيل: مات بعد عثمان، وقد روى عنه من القدماء: عبدُ الله بن عَمرو وابن عَبَّاس، و(جُعْشُم) جدُّه: بضَمِّ الجيم والشين المُعْجَمَة، وحَكى الجوهريُّ ضمَّ الجيم وفتحَها، كذا قال النَّوويُّ، وفي «الصحاح»: (الجُعْشُم: الرجلُ القصيرُ الغليظُ مع شدَّةٍ، قال الفرَّاء: فتح الجيم والشين فيه أفصحُ)، هذا لفظُه، والله أعلم.
          قوله: (أُتِينَا): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
          قوله: (فَارْتَطَمَتْ): هو بهمزة وصل، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ مُثَنَّاة فوق، ثُمَّ طاء مهملة، ثُمَّ ميم، مفتوحات، ثُمَّ تاء هي علامةُ التأنيث؛ أي: ساخت قوائمها في الأرض، وأصل الارتطام: الدخول في أمرٍ يَنشَب فيه، قَالَ الجَوْهَرِيُّ: (رطمتُه في الوَحَل رَطْمًا، فارتطم هو؛ أي: ارتبك فيه، وارتطم عليه أمرٌ؛ إذا لَمْ يقدر على الخروج منه).
          قوله: (أُرَى): هو بضَمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّ، وهذا ظاهِرٌ.
          قوله: (فِي جَلَدٍ مِنَ الأَرْضِ): (الجَلَد): بفتح الجيم واللام، وبالدال المُهْمَلَة؛ أي: غليظٍ صُلبٍ.
          قوله: (أُرَاكُمَا): هو بضَمِّ الهمزة أي: أظنُّكما.
          قوله: (فَاللهَ لَكُمَا): الاسم الجليل: مَنْصُوبٌ، ونصبه معروف، على القَسَمِ.
          قوله: (وَوَفَى لَنَا): تَقَدَّمَ أنَّ (وفى) و(وفَّى)؛ بالتخفيف والتشديد؛ لغتان [خ¦18].


[1] (مُنَوَّن): ليس في (ب).
[2] في (ب): (هو).
[3] في (ب): (بالجزم).
[4] في (ب): (وفي).