التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب كنية النبي صلى الله عليه وسلم

          قوله: (بَابُ كُنْيَةِ النَّبِيِّ صلعم): ذكر البُخاريُّ في هذا الباب أربعةَ أحاديثَ كلُّها مطابِقٌ إلَّا الحديثَ الأخير؛ وهو حديث السائب بن يزيد، والذي يظهر: أنَّه يحتمل أنَّه جاء في بعض طرقه: أنَّ خالته قالت له: (يا أبا القاسم)، أو كنَّته بكنية أخرى غيرِها؛ كـ(أبي إبراهيم)، والله أعلم، وكأنَّه لم يقع له، أو أنَّه ليس على شرطه، وفي أصلنا الذي سمعتُ فيه على العِرَاقيِّ ذكر في الباب ثلاثة أحاديث، وأمَّا حديث السائب بن يزيد؛ فأفرده(1) ببابٍ بغير ترجمة، وما قدَّمتُه هو في بعض أصولنا الدمشقيَّة، قال شيخُنا بعد أن ذكره كما في أصلنا الذي سمعنا فيه على العِرَاقيِّ: (وظهر لي في وجه إيراده هنا عقيب «باب الاسم» و«باب الكنية» كيفيَّةُ ندائه: يا رسول الله، لا باسمه؛ كما قال تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ}[النور:63]، فذَكَرَ أوَّلًا اسمَه، ثُمَّ كنيتَه، ثُمَّ كيفيَّةَ ندائه)، انتهى، والله أعلم.
          ذكر له البُخاريُّ كنيةً واحدةً، وهي: أبو القاسم، وله ╕ كنيتان أخريان؛ أحدهما: أبو إبراهيم، كنَّاه بها جبريلُ ◙، روى أحمدُ في «المسند» من طريق أنس ☺ قال: حين وَلَدَت له ماريةُ إبراهيمَ؛ وقع في نفسه منه شيءٌ، حتَّى نزل جبريل ◙ فقال: (السلام عليك يا أبا إبراهيم) انتهى، وقد ذكره السُّهَيليُّ أيضًا، والثانية: أبو الأرامل، ذكرها شيخُنا ولم يعزُها، ولم أرَها أنا في كلام غيره، ثُمَّ إنِّي رأيتُها في كلام الشيخِ محيي الدين عبدِ القادر القرشيِّ الحنفيِّ _فقيهٍ مِن الحنفيَّة بالقاهرة، أدركتُه ولم أجتمع به، ولا قرأتُ عليه_ ذكره في «طبقات الفقهاء الحنفيَّة» له، عن الإمام أبي عبد الله الباهليِّ الإشبيليِّ في كتابه «الذخائر»: أنَّ كنية النَّبيِّ صلعم في التوراة: أبو الأرامل، انتهى، وكأنَّ هذه كاللَّقب وإن صُدِّرت بـ(أب)، وله نظائرُ مصرَّح بها؛ كأبي تراب؛ لقبُ عليٍّ ☺، وكنيته أبو الحسن، وكأبي الشيخ ابن حيَّان الحافظ، كنيته أبو مُحَمَّد، وغيرهما.


[1] في (ب): (فأورده).