التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب علامات النبوة في الإسلام

          (بَابُ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ فِي الإِسْلَامِ)... إلى (بَاب فَضَائِل أَصْحَابِ النَّبيِّ صلعم)
          اعلم أنَّ هذا الباب ذكر فيه البُخاريُّ ما تيسَّر له من معجزاته صلعم، وقد أهمل منها كَثِيرًا على شرطه، وكثيرًا ممَّا ذكره في أماكنَ أُخَرَ، وكثيرًا ممَّا ليس على شرطه، والذي ظهر لي: أنَّ العلاماتِ أعمُّ من المعجزات؛ إذ قد ذُكِر في العلامات: شقُّ الصدر عند ظِئرِه وهو غلامٌ، وتسليمُ الحَجَر عليه الذي بمكَّة قبل المبعث، والمعجزاتُ أخصُّ؛ لأنَّه لَمْ يُذكَر فيها إلَّا الخوارق بعد النُّبوَّة، والله أعلم، ويحتمل أنَّه أراد المعجزات؛ لقوله: (في الإسلام)، ومعنى (علامات النبوَّة): دلائل النبوَّة، والله أعلم.
          ومعجزاته لا تُحصَى ولا تُحصَر، ومنها القرآن العظيم، وانظر القاضي عياضًا في «الشفا» كم ذكر فيه من المعجزات، فإنَّه ذكر فيه معجزاتٍ كثيرةً جدًّا، وقد ذكر شيخنا الشارح في «خصائصه» _فيما قرأتُ عليه في الرِّحلة الأولى البعضَ، وقرأتُها عليه مِن أوَّلها إلى آخرها في الرِّحلة الثانية_ عن الزاهديِّ مختارِ بن محمود الحنفيِّ شارحِ «القدوريِّ» ومصنِّفِ «القُنيَة» ما لفظه: (قيل: ظهر على يد نبيِّنا صلعم ألفُ معجزةٍ، وقيل: ثلاثة آلافٍ)، انتهى، ولعلَّ هذا غيرُ المعجزات التي في القرآن، ويدلُّ لذلك قوله: (على يده)، مع ما في هذا الكلام من النَّظر(1)، [وقد ذكر النَّوويُّ في خطبة «شرح مسلم» لمَّا ذكر معجزة القرآن؛ قال: (وللمصطفى معجزاتٌ أُخَرُ زائداتٌ على الآلاف(2) والمِئين)](3)، وقد ذكر شيخنا في هذا الشرح قال: (وذكر بعض أهل العلم _فيما ذكره البيهقيُّ في المدخل إلى(4) «الدلائل»_ أنَّها تبلغ ألفًا)، وذكر شيخنا منها بعضًا يسيرًا، والله أعلم.


[1] في (ب): (النظرة).
[2] في (ب): (آلاف)، وفي مصدره: (الألف)، وكذا كانت في (أ) قبل الإصلاح.
[3] ما بين معقوفين تَقَدَّمَ في (ب) عند قوله: (معجزات كثيرة جدًّا)، وانظر «المنهاج شرح مسلم» ░1/113▒.
[4] في (ب): (تنافي)، والمثبت هو الصَّواب.