التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث عبد الرحمن بن أبي بكر: من كان عنده طعام اثنين

          3581- قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا هو التَّبُوذكيُّ الحافظُ، وتَقَدَّمَ الكلامُ على هذه النسبة [خ¦63]، و(مُعْتَمِرٌ) بعده: هو ابنُ سليمان بن طرخان، تقدَّما، و(أَبُو عُثْمَانَ) هذا: هو النَّهْدِيُّ عبدُ الرَّحْمَن بنُ مَلٍّ، تَقَدَّمَ الكلامُ عليه، وعلى اللُّغَات في (مَلٍّ)؛ وهو تثليث الميم، ويقال: بكسر الميم، وإسكان اللام، ثُمَّ همزة [خ¦526].
          قوله: (أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ كَانُوا أُنَاسًا فُقَرَاءَ): تَقَدَّمَ أنَّ في حديث أبي هريرة في «البُخاريِّ» و«مسلم»: (لقد رأيت سبعين من أهل الصُّفَّة) [خ¦442]، فظاهره أنَّهم زيادةٌ على السبعين، وذكرت أنَّ أبا نعيم ذكرهم في «الحلية» جريدة: مئة ونيِّفًا، وذكرت أنَّ الشيخ العارف شهابَ الدين السَّهْرَوَرْدِيَّ ذكرهم في أوَّل «معارفه»، فقال: (كانوا نحو أربع مئة)، والله أعلم.
          وقد عُدَّ منهم: أبو هريرة وهو عريفهم، وأبو ذرٍّ، وواثلةُ بن الأسقع، وقيس بن طخفة الغفاريُّ.
          قوله: (مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ؛ فَلْيَذْهَبْ بِثَالِثٍ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا هو الصواب، وأنَّ ما رواه مسلم: (فليذهبْ بثلاثة)؛ خطأٌ [خ¦602]، والله أعلم.
          قوله: (وَأُمِّي): (أمُّ عبد الرَّحْمَن): هي أمُّ عائشة أمُّ رَُومان _بضَمِّ الراء وفتحها_ دَعْد، ويقال: زينبُ، وقد تَقَدَّمَ الكلامُ عليها في (الشهادات) [خ¦2661]، صحابيَّةٌ جليلةٌ ♦.
          قوله: (هَلْ قَالَ: امْرَأَتِي): (امرأة عبد الرَّحْمَن): لا أعرفها، وكذا (خَادِمُهُ)، والله أعلم، وقال بعضُ الحُفَّاظ: (امرأةُ عبدِ الرَّحْمَن هي أُمَيمةُ بنتُ عَدِيِّ بن قيس بن حذافة السَّهْمِيِّ، وهي أمُّ أكبر أولاده أبي عتيقٍ مُحَمَّدٍ الذي له رؤيةٌ)، انتهى.
          قوله: (فَلَبِثَ حَتَّى تَعَشَّى رَسُولُ اللهِ صلعم): كذا في الأصول، وصوابه: حتَّى نعس النَّبيُّ صلعم، وكذا رواه مسلم، وقد تَقَدَّمَ(1) [خ¦602].
          قوله: (قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ): تَقَدَّمَ أنَّها أمُّ رَُومان دعد، ويقال: زينب، وقد تَقَدَّمَت في (الشهادات) في حديث الإفك [خ¦2661].
          قوله: (عَرَضُوا عَلَيْهِمْ): هو بفتح العين، مَبْنيٌّ للفاعل، وهذا ظاهِرٌ.
          قوله: (يَا غُنْثَرُ): قال ابن قرقول في (الغين المُعْجَمَة مع النون): («غنثُـَر»؛ بفتح الثاء _يعني: المُثَلَّثَة_ وضمِّها عن أبي الحسين وغيره، وذكر الخَطَّابيُّ فيه عن النَّسَفيِّ: بفتح العين المُهْمَلَة، وتاء منقوطة باثنتين من فوقها، وفسَّره بالذُّباب الأخضر الأزرق، والصحيح الأوَّل؛ ومعناه: يا لئيم، يا دنيءُ؛ تحقيرًا له، وتشبيهًا بالذُّباب، والغُنثَر: ذبابٌ، وقيل: مأخوذ من الغَثْر؛ وهو السقوط، وقيل: هو بمعنى: يا جاهلُ، ومنه قول عثمان: «هؤلاء رَعاعٌ غَثَرَةٌ»؛ أي: جَهَلة، والأغثر: الجاهل، ومنه: الغاثر، و«غُثَر» معدولٌ عنه، ثُمَّ زيدت فيه النون، قال الخطابي: وأحسبه: الثقيل الوخيم)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ [خ¦602].
          و(الغَـُنْثَـُر)؛ بضَمِّ الغين المُعْجَمَة، وإسكان النون، وفتح الثاء المُثَلَّثَة وضمِّها، ثُمَّ راء، وعن بعض الشيوخ: أنَّه بالغين المُعْجَمَة ثُمَّ مُثَلَّثَة مفتوحَتَين، والرابعة: (عَنْتَر) التي ذكرها الخَطَّابيُّ عن النَّسَفيِّ، والله أعلم.
          قوله: (فَجَدَّعَ وَسَبَّ): (سبَّ): معناه معروفٌ، و(جدَّع): دعا عليه، و(الجَدْع): قطع الأنف، وقطع الأذن أيضًا، وقطع اليد والشَّفَة.
          قوله: (وَايْمُ اللهِ): تَقَدَّمَ أنَّ همزته همزة وصل على الصحيح، وقيل: قطع، وقد تَقَدَّمَ الكلام على معناه مُطَوَّلًا [خ¦344].
          قوله: (إِلَّا رَبَا): أي: زاد، وهو غير مهموز، معتلٌّ.
          قوله: (أَكْثَرُ): هو بالمُثَلَّثَة في أصلنا، وفي «مسلم» ضُبِط بالمُثَلَّثَة والموحَّدة، و(صَارَتْ أَكْثَرَ): هو بالمُثَلَّثَة، وكذا قوله: (فَإِذَا هُوَ شَيْءٌ أَكْثَرُ) بالمُثَلَّثَة أيضًا.
          قوله: (يَا أُخْتَ بَنِي فِرَاسٍ): أي: يا مَن هي مِن بني فراس، وهي مِن بني فراس بن غَنْم بن مالك بن كنانة، ولا خلافَ في نسب أمِّ رَُومان إلى غَنْمِ بنِ مالك، واختلفوا في كيفيَّة انتسابها إلى غَنْم اختلافًا كثيرًا، واختلفوا هل هي مِن بني فِرَاس بن غَنْم أم مِن بني الحارث بن غَنْم، وهذا الحديث يصحِّح أنَّها من بني فراس بن غَنْم، والله أعلم.
          قوله: (لَا، وَقُرَّةِ عَيْنِي): قال أهل اللُّغة: قرَّة العين: يُعبَّر بها عن المسرَّة ورؤية ما يحبُّه الإنسان ويوافقه، وقال الداوديُّ: («لا، وقرَّة عيني»؛ تعني: النَّبيَّ صلعم؛ يعني: أقسَمَتْ به).
          قوله: (فَتَفَرَّقْنَا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا): كذا في الأصل الذي سمعت فيه على العِرَاقيِّ الحافظ، قال ابن قرقول: («فتعرَّفنا اثني عشر رجلًا»؛ أي: صِرنا عُرَفاء مُقدَّمين على غيرنا، ورواه بعضهم: «فتفرَّقنا»، وكذا لأكثرهم في «البُخاريِّ» في «كتاب الصلاة» [خ¦602]: «ففَرَّقَنَا اثني عشر رجلًا»، وللنَّسَفيِّ: «فعُرِّفْنَا اثني عشر»، وهذا أوجه، وفي «مسلم»: «فعرَّفَنا»؛ بفتح الفاء، وعند ابن ماهان فيه تخليطٌ ذكرناه في آخر الكتاب في «الأوهام») انتهى، وقد وقع في «مسلم»: (فعَرَّفنا اثنا عشر)، كذا في معظم النسخ، وفي نادرٍ منها: (اثني عشر)، وكلاهما صحيحٌ، والأوَّل جاز على لغة من جعل المثنَّى بالألف في الرفع والنصب والجرِّ، وهي لغةُ أربعِ قبائلَ من العرب، والله أعلم.


[1] هذه الفقرة جاءت في النسختين _وهي مستدركة في (أ)_ قبل الفقرة السابقة.